|


أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2024-07-17
ـ مهما حاول صنّاع الأفلام فلن يستطيعوا أن يقدموا الصورة الكاملة عن العالم الذي نعيش، هم يقدمون أفلامًا عن حكايات حجمها حجم موجات صغيرة في محيط . في الهند أسدل الستار عن حفلات زفاف عائلة أمباني، استمرت الاحتفالات 7 أشهر، وقدّرت التكلفة بـ 600 مليون دولار.
لا يهمني كم صرفت العائلة، حلالها و«بكيفها» حتى وإن كانت حفلات الزفاف المكلفة في بلد يعيش فيه الملايين بأقل من دولار في اليوم الواحد. ربما لو امتلكت ما تملكه عائلة أمبابي لأنفقت مليار دولار أو أكثر.
ما استوقفت عنده أن المغني الشاب جاستن بيبر أقام حفلة من ضمن حفلات الزفاف، ودُفع له 10 ملايين دولار! 10 ملايين دولار لساعتين أو ثلاث ساعات من الغناء ! أنا لا أحسد جاستن بيبر بل أغبطه، كيف استطاع أن يصنع لنفسه هذه الهالة، وهذا السحر، لكي يُدفع له في ساعتين ما يعادل رواتب مئات الآلاف من الموظفين في المدينة التي أقيمت فيها الحفلة!
في إحدى المرات التي تابعت فيها برنامجًا على اليوتيوب، سمعت الضيف يسأل مقدم البرنامج: لو أزلنا شعار ساعة رولكس من الساعة، فكم يتبقى من قيمتها ؟ أجاب المقدم: لا شيء.. لأنها ستبدو ساعة عادية مثلها مثل بقية الساعات العادية !. يؤسفني أن الإنسان لا يفضل الصراحة ويحب من يصنع له الهالة حول الشيء، لكي يبدو وكأنه استثنائي، فيدفع للهالة أضعاف القيمة الحقيقية.
صوت جاستن بيبر جيد، لكنه ليس أفضل من آلاف الأصوات التي تغني في أمريكا، الفارق أن تلك الأصوات تغني في أي مكان، وبمناسبة وبدون مناسبة، بينما لا يغني جاستن وأمثاله إلا بعد حملات إعلانات وتجهيزات و«بربجندات» كلها من أجل صناعة الهالة حوله، ولكي يُدفع له 10 ملايين دولار في حفل زفاف.
اكتشفت أن نجاح المنتج لا يعتمد على جودته، بل في التسويق له، وفيما يُقال عنه. للأسف!
ـ في العالم الذي نعيش لا توجد قواعد ثابتة، على سبيل المثال لو كتبت تغريدة على «إكس» تقول فيها : ياااه قطعة لحم مع بيض مع قهوة في الصباح تُشعرك فعلاً بالقوة. جملة عادية.. ربما لن يعلق عليها متابع واحد. لكن هذه الجملة لو قالها إيلون ماسك.. فهل ستبدو عادية ولن يعلق عليها أحد؟ الجملة غرد بها إيلون ماسك فعلًا، وبعد 10 دقائق فقط حصلت على أكثر من 21 ألف إعجاب، وعلّق عليها أكثر من 3.3 متابع، وأعاد تغريدها أكثر من 1800 ! لا يوجد شيء في التغريدة، لكن صاحبها يملك مئات المليارات، والعجيب أن كل من تفاعلوا مع التغريدة لن يحصلوا على شيء من هذه المليارات!.