|


العجوز «فاني».. ربّة منزل تصنع التاريخ في لندن

البطلة الهولندية فاني بلانكرز خلال سباق الحواجز للسيدات خلال دورة الألعاب الأولمبية لندن 1948 في ملعب ويمبلي (الفرنسية)
نيقوسيا ـ الفرنسية 2024.07.18 | 02:24 pm

لمسات ناعمة لكن كلّها تصميم وجرأة وتألق أضافتها الهولندية «فاني» بلانكرز كون على دورة لندن الأولمبية عام 1948، الأولى بعد الحرب العالمية الثانية.
حقّقت بلانكرز أربع ذهبيات، على طريقة الأمريكي جيسي أوينز عام 1936، فكان احتفالًا لا سابق له لإنجاز غير مسبوق، حققته أم وبطلة مثالية.
كانت فرنسينا «فاني» بلانكرز امرأة من ذهب على الرغم من أعوامها الثلاثين، هيمنت على سباقات السرعة، فحققت 11.9 ث في 100 م، و24.4 ث في 200 م، وأسهمت في فوز بلادها في التتابع 4 مرات 100 م «47.5 ث» أمام أستراليا وكندا، وسجَّلت 11.2 ث في الـ 80 م حواجز. وبين التصفيات والنهائيات، فازت «فاني» في 11 سباقًا على مضمار موحل في غضون ثمانية أيام.
وشاركت «فاني» في دورة برلين قبل 12 عامًا، أي عندما كانت في سن الـ 18، حيث حلّت سادسة في الوثب العالي وخامسة في التتابع 4 مرات 100 م. ولعلّ «أبرز انتصاراتها» في ذلك العام، حصولها على توقيع الأسطورة جيسّي أوينز.
نشأت «فاني» في عائلة مزارعين، وفي المدرسة تلقت علومًا في التدبير المنزلي والخياطة والعناية بالحديقة وركوب الدراجة الهوائية، وزاولتها في أوقات الفراغ القليلة. تربية عامة لربة منزل بعيدًا من طرق التدريب والتحفيز الرياضي.
انجذبت «فاني» إلى الرياضة في سن الـ 14، وأفصحت عن «مكنوناتها الأولمبية» أمام أستاذ للتربية البدنية فأخذ بيدها، وبعد عامين نصحها بمزاولة ألعاب القوى طالما أن هناك سبّاحات جيدات كثيرات.
بدأت «فاني» التدريب تحت إشراف يان بلانكرز البطل السابق في الوثبة الثلاثية، فسجّلت مشاركة نوعية في برلين عام 1936. وكانت برزت في سباق الـ 800 الذي حُذف من البرنامج الأولمبي بعد دورة 1928.
وأوّل غيث أرقامها العالمية كان معادلتها رقم الـ 100 ياردة «11 ثانية، رقم أوروبي»، ثم خاضت بطولة أوروبا في باريس عام 1938، وتزوجت مدربها عام 1940.
وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وها هي السيدة بلانكرز كون تحرز ذهبيتين في بطولة أوروبا عام 1946 في أوسلو، بعدما نجحت خلال أعوام الحرب في المحافظة على لياقتها وقوامها على الرغم من صعوبات كثيرة، واستطاعت تحطيم الرقمين العالميين للوثب العالي والطويل عام 1943، ثم كان الحصاد في لندن وفيرًا.
جاء ردّ ابنة الـ 30 في الميدان على منظّمي الدورة الذين وصفوها بـ «العجوز» التي يستحيل اختراقها الصفوف الأولى. فتفوقت في سباق الـ 100 على حساب البريطانية دوروثي فانلي بفارق 3 أمتار، وبنحو 6 أمتار على البريطانية الأخرى أودري وليامسون في 200 م. وزمنها في 80 م حواجز هو الرقم العالمي الوحيد خلال الألعاب، على الرغم من انطلاقتها السيئة.
كانت «الأم فاني» تستغرب الاهتمام بها وترفض الاطراء قائلةً «ما أفعله عادي جدًّا، فأنا لست سوى عداءة سريعة». لكن «الهولندية الطائرة» كانت ماهرة على المضمار كمهارتها في الطهو وتحضير الأطباق الشهية.
وفي دورة هلسنكي 1952، تعثرت «فاني» في سباق 80 م حواجز وغادرت باكيةً، لكنها ظلت شاهدة على العصر الرياضي الجديد وتطوراته المتسارعة حتى وفاتها في 25 يناير 2004 في هوفدورب عن 85 عامًا.