ناديا.. النجمة «الكاملة» طاردتها الشرطة السرية.. وعانت التعذيب
خَلْفَ البريق والنجاحات، عذاباتٌ وإذلال غاص كتابٌ في أبريل 2021 عن أسطورة الجمباز الرومانية ناديا كومانتشي في أرشيف الشرطة السرية الرومانية «سيكوريتات» خلال الحقبة الشيوعية، الذي يحوي سجلات عن الإساءات التي تعرضت لها أثناء تحقيقها الأمجاد الرياضية.
تعمّق كتاب «ناديا سي سيكوريتات» «ناديا والسيكوريتات»، الذي كتبه المؤرخ ستياريل أولارو، في آلاف الصفحات من تقارير الشرطة السرّية الرومانية، التي رُفعت عنها السرّية.
في تلك الصفحات، يكشف المخبرون والمكالمات الهاتفية، التي تم التنصّت عليها، تفاصيل ما يسمّيه أولارو «العلاقة التعسّفية» بين كومانتشي «62 عامًا الآن» ومدرّبها بيلا كارولي.
بطلة أولمبية وعالمية وأوروبية مرات عدّة، صَنعت التاريخ في أولمبياد مونتريال عام 1976 عندما باتت عن 14 عامًا أول لاعبة تحقق نتيجة «10 الكاملة» على الإطلاق لأدائها على العارضتين المتوازيتين.
حصلت كومانتشي على الاسم الرمزي «كورينا» من قبل السيكوريتات خلال سبعينيات القرن الماضي. وراقبت الشرطة السرّية في إحدى دول أوروبا الشرقية الأكثر قمعًا تحرّكاتها خطوة بخطوة، من خلال جهاز مراقبة لا يشمل فقط عملاء سريين، ولكن أيضًا شبكة محدثّة باستمرار من المخبرين، يقول أولارو إنها تشمل مدرّبين وأطباء ومسؤولين في اتحاد الجمباز، وحتى مصمّم رقصات الفريق وعازف البيانو.
وتتحدّث التقارير، التي كتبوها عن «الترهيب والوحشية» التي مارسها كارولي تجاه كومانتشي، إضافة إلى اتهامات أخرى.
وكتب أحد المخبرين في العام 1974: «تعرّضت الفتيات للضرب حتى نزفت أنوفهن، وعوقبن من خلال التدريبات البدنية لدرجة الإرهاق».
ووفقًا للتقارير، اعتاد كارولي على نعت لاعبات الجمباز بـ«الأبقار السمينة» و«الخنازير»، بينما كان يأخذ أيضًا جزءًا من الجوائز المالية، التي يفزن بها في المسابقات الدولية.
وردّ المدرب على الانتقادات بالقول: «أنا بطبيعتي شخص لا أرضى بشيء، أريد دائمًا المزيد...لاعبو الجمبار، الذين أشرف عليهم، هم الأفضل في العالم، ويحققون البطولات، هذا كل ما يهم».
وفرّ كارولي إلى الولايات المتحدة مع زوجته مارتا في العام 1981، وبينما تحدّث أبطال أمريكيون، أشرف الزوجان عليهم سابقًا، عن ممارسات مسيئة، ظلّت كومانتشي دائمًا متحفظة نسبيًا بشأن هذه المسألة.
وأكّدت الرومانية المتوّجة بتسع ميداليات أولمبية، بينها خمس ذهبيات، لوكالة «فرانس برس» أنها كانت على اتصال مع أولارو، وأجابت على بعض من أسئلته.
ونفى كارولي وزوجته كل المزاعم بحقهما بشأن سوء معاملة الرياضيين في المنشآت التدريبية الأمريكية، التي أنشؤوها بعد مغادرة رومانيا.
وتحدّثا في مقابلة مع قناة «أن بي سي» عن علاقتهما بلاري نصّار، الطبيب السابق للفريق الأمريكي للجمباز، الذي عمل في المركز التدريبي الخاص بهما، وحُكم عليه لاحقًا بالسجن بتهمة الاعتداء الجنسي على مئات الرياضيات.
وينقل الكتاب تصريحات خاصة لكومانتشي، أدلت بها في مقابلة عام 1977 مع صحافيَين، لم يتم نشرها مطلقًا، ولكن انتهى بها الأمر في ملفات سيكوريتات، بسبب التنصّت على منزلها في مدينة أونيستي.
أكّدت خلال هذه المقابلة أنها تعرّضت «للإهانة» والضرب بشكل متكرر، كما أنها حُرمت من الطعام على مدى ثلاثة أيام، والتوبيخ، بسبب زيادة وزنها 300 جرام.
وتقول عن كارولي في التسجيلات «أشياء كثيرة حدثت «...»، لم يعد بإمكاني النظر إليه».
بعد ستة أشهر من إنجازها التاريخي في مونتريال، حيث حققت خمس ميداليات «3 ذهبيات، وفضية، وبرونزية»، رفضت أن تواصل التدرّب بإشراف كارولي.
وشكت والدة كومانتشي عن سوء المعاملة، التي تعرّضت لها ابنتها، إلى الاتحاد المحلي للجمباز، حتى طلبت التحدث مباشرة مع نيكولاي تشاوشيسكو، رئيس رومانيا والأمين العام للحزب الشيوعي الروماني في تلك الحقبة.
وتم ترتيب لقاء مع الديكتاتور، ولكنه أُلغي في اللحظة الأخيرة من دون تفسير.
يَذكر أولارو أن تشاوشيسكو استخدم «كومانتشي» لأغراض دعائية، وأطلق عليها لقب «بطلة حزب العمل الاشتراكي»، مستطردًا: «لكنها مع ذلك، عانت من التعذيب والترهيب والإذلال»، حتى لو تعرّضت للضرب أقل من زملائها وزميلاتها.