|


أحمد الحامد⁩
حظ التوقيت
2024-07-24
تُرى بماذا ستتميز زرقاء اليمامة لو أنها ولدت في زمننا، ما أهمية قوة نظرها في زمن طائرات «الدرون» الصغيرة و التي تصوِّر على بعد عشرات الكيلو مترات، وفي زمن فيه العدسات المُكبّرة تلتقط تفاصيل سطح القمر. لا يمكن لامرأة في زمننا أن تحقق شهرة لأنها ترى من على بعد ثلاثة أيام، لا حاجة لقوة نظرها هذه. ثم ماذا كان سيفعل عنتر بن شداد في زمن القوانين والأنظمة، لا غزوات ولا سطو على المرابع، هل سيحصل على نفس شهرة شجاعته الأسطورية التي حققها في ضرب الأعادي وحماية مضارب قبيلته، حيث القتال سيفًا إلى سيف؟ ربما ينجح كشاعر وربما لا ينجح في زمن تغير فيه شكل القصيدة واندثرت الكثير من المفردات. فكرت لو أن بيل جيتس أو تيسلا أو أنيشتاين ولدوا قبل 2000 عام، على الأغلب لن يحققوا شهرة تذكر، قد يحاول تيسلا فعل شيء، لكنه لن يستطيع أن يكون تيسلا الذي نعرفه، لأنه قبل 2000 عام لن يملك الإرث العلمي الذي ورثه، أما بيل جيتس فليس أكثر من إنسان عادي، حتى مارادونا أو ميسي لو ولدا قبل 2000 عام لن يعرف أحد شيئًا عنهما، لا أعتقد أن مارادونا سيكون فارسًا شهيرًا ولا ميسي الخجول سيقود جيشًا من الفرسان لغزو الأراضي المجاورة. كل ذو نجاح وشهرة محظوظ لأنه ولد في الزمن المناسب، ولو تأخر وقت ميلاده أو تقدم فالأغلب أنه لن يحقق شيئًا، لأن التوقيت المناسب سبب رئيسي وحاسم للنجاح. أن تولد بموهبة تصلح لبرمجة الأجهزة الرقمية في زمن الأجهزة الرقمية هو توقيتك السليم، وأن تولد لاعب كرة موهوب في زمن كرة القدم وشهرة لاعبيها هو توقيتك المطلوب، وفي المشاريع التجارية نجحت بعض الأفكار لأنها جاءت في التوقيت الذي يحتاجها، ولو جاءت مبكرة أو متأخرة قليلًا لما رأت النور. في عالم الإنترنت نجح معظم الذين ركبوا الموجة الأولى، وربما الثانية، كانت الأفكار التي نعتبرها اليوم عادية أفكارًا عظيمة في وقتها، مثل البريد الإلكتروني والفيس بوك لأنها جاءت في توقيتها، ولو جاء أي مبتكر الآن وقدم فكرة تفوق البريد الإلكتروني بكثير فلن يحقق نجاحًا، لأن فكرته مبَّكرة، كما السيارة الكهربائية عندما طُرحت قبل 100 عام، لكن الزمن حينها كان زمن سيارات الاحتراق الداخلي. لكل زمان أبطاله الذي جاؤوا في التوقيت الصحيح، ولكل زمن ضحاياه الذين سبقوا زمنهم، أو جاؤوا متأخرين.
فينسنت فليبستيه: الناس ينجذبون إلى القصص التي تؤكد معتقداتهم المُسبقة.