ما كان النصر في حاجةٍ إلى ليلةٍ عاصفةٍ جديدةٍ، تثير داخله أسئلةً لا حدودَ لها.. قبل أيامٍ قليلةٍ، تلقَّى الفريق الأول لكرة القدم ضربةً موجعةً من غريمه التقليدي الأزرق الهلالي برباعيةٍ جارحةٍ في نهائي السوبر، فتحت جراحًا، لم تندمل بعد.. كانت الخسارة وحدها كفيلةً بإحداث زلزالٍ، يهزُّ أركان البيت الأصفر الكبير.. وفتحت الملفات على مصراعيها.. جدالٌ لا يتوقف في أطراف السوشال ميديا حول صاحب القرار الحاسم والمصيري في استمرار كاسترو على رأس الجهاز الفني.. وضع كثيرٌ من النصراويين الحزينين اللائمة على عاتق الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو، كونه المساند الوحيد لاستمرار ابن جلدته.. وجهٌ برتغالي جديدٌ، جرى تداول صوره ومقاطعه وشخصيته النهمة للفوز، ويدعى كونسيساو.. ذهبت الأحلام الصفراء، تلاحق لاعبًا هنا، وآخر هناك، لعل الأوضاع تتعدَّل.. لكنَّ شيئًا كان يدور في الخفاء، أدهى وأعظم.. كان هناك اجتماعٌ عاصفٌ، يحدِّد مصير الرئيس إبراهيم المهيدب بالرحيل، أو الوقوف على رأس الهرم الإداري في شركة نادي النصر.. تضارب القرارات في الإدارة، وفي الصلاحيات، وفي القرارات نفسها، تركت النصراويين كالتائهين في صحراء موحشةٍ بلا دليلٍ.
اجتمع المهيدب أمس، كما تشير كل الأنباء، مع مَن يمكن تسميتهم بأصحاب قرارٍ نافذٍ داخل شركة النصر من أجل وضع النقاط على الحروف.. يقال إن الاجتماع تجاوز الساعات الثلاث، ولم يصل فيه الطرفان إلى حلٍّ وسطٍ.. تعهد المهيدب بدعم الصفقات الجديدة بشكلٍ خاصٍّ دون الاستعانة بأي مصادر لا يملك الصلاحية عليها.. تعهد بمدربٍ جديدٍ.. تعهد بصفقتَين محليتَين.. تعهد بثلاثة أسماءٍ أجنبيةٍ قبل إقفال فترة تسجيل الصيف.. رفض المسؤول الآخر الذي جلس مع المهيدب كل هذه التعديلات الطارئة.. قال للمهيدب إن صلاحياتك كرئيسٍ محددةٌ وفقًا للنظام، والنصر سيقاد بطريقة العام الماضي.. أصرَّ المهيدب على أن فريقه يحتاج إلى تدخُّلٍ عاجلٍ، يجعل جماهيره العريضة تشعر بشيءٍ من الطمأنينة قبل الدخول الحقيقي في معترك المنافسة.. استشار المهيدب أحد أصدقائه الذين يعدُّه من الملمِّين بوضع النصر وثقافته ومزاج جمهوره، فقال له: "أنصحك بتقديم استقالتك على أن تستمر.. استمرارك في ظل هذه العواصف التي تواجهها لن ينفعك، ولن ينفع النصر، وستكون الخاسر الوحيد.. فيما النصر هو الخاسر الكبير".. بعدها بدقائق معدودةٍ، كتب المهيدب بحسابه في منصة "إكس" خبر النهاية.. وخرج بهدوءٍ في أمسيةٍ مضطربةٍ، كانت فيها الجماهير تطالع خبر رحيل ماني والعمري للاتحاد في أجواءٍ لا تبتعد كثيرًا عن انتقال المغربي عبدالرزاق حمد الله، فيما الفرق الوحيد أن مفاوضات ماني والعمري تمت على رؤوس الأشهاد بينما حمد الله خلف انتقاله مدانون ووجوه عاقبها القانون..!!