|


سيلفا في اليوم الأخير.. 14 ثانية غيّرت كل شيء

الرياض ـ حاتم سالم 2024.09.02 | 03:41 pm

بسبب 14 ثانية فقط، يستغرق تدخين سيجارة واحدة أضعافَها، وقعت الكارثة داخل مكاتب نادي ليستر سيتي الإنجليزي في اللحظات الأخيرة من سوق الانتقالات الصيفية عام 2017.
فبدلًا من الاحتفال بانضمام الدولي البرتغالي أدريان سيلفا، لاعب الوسط، إلى بطل نسخة 2016 من دوري «البريميرليج»، صُدِم الجميع من هول المفاجأة، وغطّى الذهول وجه الوافد الجديد. إنها «لحظة صعبة» كما صرّح لاحقًا «لأنك لست مصابًا ومع ذلك لا يمكنك أن تلعب». مُجدَّدًا، وبعد 12 عامًا على محاولته الأولى، تُعانِده إنجلترا وترفضُه كُرتُها، وهذه المرة بسبب هفوة نادرة من أحد الإداريين.
وصل لاعب الوسط، المنضم من نادي سبورتنج لشبونة في بلاده، إلى مقر النادي الإنجليزي خلال اليوم الأخير من الانتقالات، من أجل الخضوع للفحص الطبي وتوقيع العقد. سار كل شيء تقريبًا كما خُطِّط له، وبوتيرة سريعة، وأتمَّ الناديان الانتقال مقابل نحو 22 مليون جنيه إسترليني، وأعلن الصحافيون المقرّبون عن الصفقة، التي تدعم خطط المدرب الإنجليزي كريج شكسبير لموسم 2017ـ2018.
لكن الموظف المسؤول عن إدخال البيانات على النظام الإلكتروني للتعاقدات، الخاص بالاتحاد الدولي للعبة، تأخرّ لـ 14 ثانية فقط عن الموعد الختامي لإرسالها، فرفض «فيفا» اعتماد الانتقال، أما مسؤولو سبورتنج لشبونة فطاروا بالملايين، ولم تكن هناك أيّ فرصةٍ للتراجع عن الاتفاقات.
كان ذلك يعني حرمان لاعبٍ دوليّ في ذروة مسيرته «28 عامًا» من خوض المباريات، وحتى التدريبات الجماعية، حتى يُعاد فتح السوق بعد أربعة أشهر كاملة.
تظلّم نادي ليستر سيتي رسميًّا، طالبًا استثناءه من قَيد «الديدلاين»، لكن «فيفا» كرَّر رفضه. فكّر النادي، الذي تلقّى دعم الاتحاد الإنجليزي، في اللجوء إلى المحكمة الرياضية، ثم تراجع وانصاع للأمر الواقع في ظل عدم إبداء الاتحاد الدولي أي مرونة في موقفه.
أيضًا، استسلم سيلفا، وبدأ يتدرَّب بمفرده للحفاظ على لياقته البدنية، تحت إشراف أخيه جيريمي دا سيلفا، مدرب الأداء الرياضي. كما استغل فترة الابتعاد عن المستطيل الأخضر في التعامل مع صعوبات التأقلم على العيش مع أسرته في بلدٍ جديد.
ولمّا أعيد فتح السوق، مطلع شهر يناير، أصلح النادي خطأ موظّفه وقيَّد لاعبه الجديد، الذي أراد التصالُح نفسيًّا مع كارثتِه فاختار ارتداء القميص رقم 14، في إشارةٍ إلى عدد الثواني التي أبعدته مؤقتًا عن الملاعب.
قبل 12 عامًا من تلك الواقعة المريرة، سافر سيلفا وهو صبي عمرُه 15 عامًا إلى لندن، عاصمة بريطانيا، مطلع 2005، أملًا في الانضمام إلى نادي تشيلسي، الذي كان يتابعه في أكاديمية سبورتنج لشبونة. اعترض الأخير، وشكى إلى «فيفا» بداعي مخالفة تشيلسي اللوائح الحاكمة للحصول على خدمات البراعم، ما اضطر اللاعب واثنين من زملائه، وصلوا معه إلى «البلوز»، للعودة إلى ناديهم.
ولمّا أتيحت لسيلفا فرصة الانضمام إلى ليستر سيتي، كان مستقّرًا وسعيدًا للغاية مع سبورتنج لشبونة ويحظى بتقدير هائل من المشجعين، بعدما خاض نحو 250 مباراة مع فريقهم وساعده على التتويج مرتين بكأس البرتغال. لكنه أراد الخروج من «منطقة الراحة»، التي قضى فيها نحو 16 عامًا، واختبار قدراته الكروية في مستوى أعلى، تحديدًا «البريميرليج» الذي رآه حلمًا له.
وفي مقابلةٍ أجرتها معه صحيفة «ذا أثليتيك» الأمريكية عام 2020، قال «لم أكن أريد أن تنتهي مسيرتي دون تجربة بلد وثقافة جديدين ودوري آخر كبير، أردت الخروج من منطقة الراحة».
انقضت أشهر الغياب الأربعة، التي وصفها البرتغالي بالمحبطة للغاية، لكن بدأ فصلٌ ثانٍ من المعاناة كان الأسوأ من وجهة نظره. لقد أقيل شكسبير قبل يناير، بسبب تراجع النتائج، وعيَّن النادي المدرب الفرنسي كلود بويل، الذي تحدث عنه لاعب الوسط قائلًا «كانت نقطة سلبية أخرى، لأن المدرب الذي جعلني أنضم إلى ليستر لم يعد موجودًا، وجاء مدرب آخر، ولم تكن التجربة معه جيدة، لأننا لم نكن على نفس الصفحة، أنتقل من مدرب يريدني ويدعمني كل يوم إلى آخر نسِيَني تمامًا، كان عائقًا كبيرًا آخر».
لعِب سيلفا، بعد قيده، 16 مباراةً مع الفريق، في كافة البطولات، وذهب لتمثيل بلاده في كأس العالم «روسيا 2018»، وبعد عودته، أشركه بويل في الجولتين الأوليين من الموسم التالي ثم جمَّده، مع استثناء ثلاث مبارياتٍ من كأس الرابطة. أمام ذلك، طلب اللاعب المغادرة عبر نافذة الانتقالات الشتوية، وانتقل بالفعل معارًا إلى موناكو الفرنسي، فالتأم شملُه مع مواطنِه المدرب ليوناردو جارديم، الذي قادَه في سبورتينج لشبونة.
بمجرّد الالتحاق بموناكو، انتهت عمليًّا العلاقة بين سيلفا والنادي الإنجليزي، الذي أعار لاعبه موسمًا ونصف الموسم، قبل أن يتخلّى عنه بالمجان لسامبدوريا الإيطالي صيف 2020، مع تبقي عام واحد على نهاية عقدِه. وبعد عامٍ ونصف العام مع سامبدوريا، انتقل اللاعب إلى الوحدة الإماراتي ثم ريو آفي البرتغالي، وهو الآن من غير نادٍ ويبلغ عمره 35 عامًا.
وعلى الرغم من كل شيء، لم يُظهِر سيلفا أي ندمٍ على تجربة ليستر سيتي التي شكّلت نقطة تحوّلٍ في مسيرته وبدأ معها تراجُع مستوياته ومشاركاتِه وانحسار دورِه مع المنتخب، فعندما سألته «ذا أثليتيك» عمَّا إذا كان نادمًا ردَّ من دون تردد «لا.. على الإطلاق.. الشيء الأهم كان رغبتي في خوض تجربة الدوري الإنجليزي».