|


أحمد الحامد⁩
كلام ويك إند
2024-09-13
* في معظم العواصم التي زرتها، شاهدت طوابير الناس عند بعض المحلَّات، وجميعها لم تكن تبيع منتجاتٍ استثنائيةً، لكنْ أصحابها استطاعوا الترويج لمنتجاتهم بطريقةٍ، قادت الزبائن إلى الشراء منهم، بل والوقوف طويلًا في طوابير الانتظار. غسيل دماغٍ شرعي، أو عملية إيهامٍ، لا يعاقب عليها القانون! في لندن، شاهدت العشرات في طابورٍ، وعندما اقتربت من المحل، اكتشفت أنه يبيع «فانيلاتٍ» تشبه الـ «فانيلات» البيضاء التي نلبسها تحت الثوب! الفارق أن تلك الـ «فانيلات» كانت بألوانٍ، وعليها شعار المحل! لن يستطيع أكبر خبيرٍ صناعي أن يقنعني بأن لتلك الـ «فانيلات» قيمةً، تجعل الشخص يقف في طابورٍ طويلٍ من أجل شرائها! وأنا على قناعةٍ تامَّةٍ بأن كل الذين كانوا في الطابور، عاشوا داخل «بالونةٍ»، نفخها لهم صاحب المحل.
* زرت أحد أقاربي، وكان مريضًا بإنفلونزا شديدةٍ، طالت مدتها، والتهب صدره على إثرها. كان متعبًا، وهادئًا، ومستسلمًا. قال بضعفٍ شديدٍ: الدنيا «ما تسوى»، والإنسان في أي لحظةٍ يغادر الحياة تاركًا خلفه كل شيءٍ، لذا عليه أن يكون متسامحًا طيبًا، وأن يقضي حوائج الناس قدر استطاعته، وأن يعمل لآخرته، وأن يترك أثرًا طيبًا ليذكره الناس بالخير، ويترحموا عليه بعد مماته. قبل يومين، قال لي أحد الأقارب: إن خلافًا وقع بين «المريض» وأخيه بسبب مبلغٍ مالي، وأن الخلاف تصاعد بينهما لدرجة «الزعل الشديد». سألت قريبي: لكن فلان مريضٌ، هل شُفي من مرضه؟ فأجاب: شفي و«صار يهاوش»!
* في الأيام الماضية، استمعت لأعمال الملحن الكبير سراج عمر «مقادير، أغراب، أنادي، الموعد الثاني، مرتني الدنيا، الله يرد خطاك ويا حبيبي أنستنا». عند كل لحنٍ، استمعت له، كانت قناعتي تزيد بأن الملحنين، وهم الصنَّاع الأهم للأغنية، مظلومون، وأنهم لم يقطفوا سوى ثمرةٍ واحدةٍ من ثمار الشجرة التي يحصل عليها الفنان، سواءً في الشهرة، أو المكسب المالي. سراج عمر، رحمه الله، مدرسةٌ موسيقيةٌ عربيةٌ، وهو مثل الكبار الذين يصعب تكرارهم كمحمد عبد الوهاب، وبليغ حمدي، وعبد الرب إدريس. سيبقى ما قدَّمه سراج عمر محفورًا في تاريخ الأغنية، ولن تمحوه أي موجاتٍ غنائيةٍ، لأنها في ذاكرة الناس.