|


سبتمبر الحزين يطرد كينيونيس في ذكرى وفاة صديقه

الرياض ـ أسامة فاروق 2024.09.21 | 12:30 am

عند سدِّ لا بوكا، شمال مدينة مونتيري المكسيكية، غافل سياحٌ محليون فيروس كورونا الجاثم على أنفاس العالم يوم 14 سبتمبر 2020، وتوجَّهوا منذ الصبيحة لزيارة المَعْلَم الذي تزهو به منطقة سنتياجو.. المياه العذبة كانت تتدفق في سكينةٍ وهدوءٍ بين أحضان الحاجز الاصطناعي البالغ عمره 60 عامًا، والأغصان من حولها ترميها بالأوراق الخضراء كلما هزَّها النسيم.
على مد البصر لوحظ مصطافون، يهرولون نحو شلال كاسكادا كولا دي كابالو، البعيد عن السد بنحو سبعة كيلومتراتٍ، ساعين إلى الاستمتاع بمشهد انتحار المياه من ارتفاع 25 مترًا.. آخرون أكملوا الطريق إلى قرية كافازوس بحثًا عن اقتناء المنتوجات اليدوية التقليدية للاحتفاظ بها تذكاراتٍ شخصيةً، أو إهدائها لأحبَّائهم. في تلك الأثناء كان خوليان كينيونيس، لاعب كرة القدم، وصديقه ريكاردو إسكيفيل بالاسيوس، ينظران إلى جمال الطبيعة وبساطتها من خلف نافذة بنايةٍ ريفيةٍ، نزلا فيها هناك خلال ذلك اليوم.
اختار كينيونيس ذلك المكان لقضاء إجازةٍ قصيرةٍ، حصل عليها فريقه تيجريس أونال غداة الفوز على سانتوس لاجونا بثنائيةٍ نظيفةٍ، ضمن بطولة الدوري المكسيكي، وهناك رافقه بالاسيوس، الذي يكبره بنحو سبعة أعوامٍ، لبعض الوقت، ثم رحل منفردًا.
وعند الـ 10:30 مساءً، تلقَّت شرطة سنتياجو بلاغًا عن وقوع حادثٍ مروري على الطريق السريع، في منطقة «الكيلومتر 249» التي انقلبت بعد دقائق من التبليغ، إلى ساحةٍ للمحققين والمسعفين.
الحادث كان لسيارةٍ، يقودها شابٌّ، لم يكن سوى بالاسيوس، اصطدمت بقاعدة سارية أحد الأعلام الوطنية. المسعفون اقتحموا جوف السيارة، وفحصوا قائدها.. النبض بدا متوقفًا، والجثة هامدةٌ بلا حِراك.. لقد تُوفي، هكذا أبلغوا عناصر الشرطة لاستدعاء الطب الشرعي.
وبعد دقائق معدودةٍ، وقتما كانت الإجراءات تأخذ مجراها، توقفت سيارةٌ أخرى، يقودها كينيونيس عند موقع الحادث. نزل اللاعب في لهفةٍ وقلقٍ، وأبلغهم بمعرفة ذلك الشخص الممدَّد على الأرض، ورجاهم إسعافه.
وحين أكدوا له وفاته، نزل عليه الخبر كالصاعقة، أخذ كالملتاث يركل سيارتي الإسعاف، ودورية الشرطة بقدميه، ويصرخ مفجوعًا على صديقه الذي كان برفقته قبل قليلٍ، وأصبح الآن في خبر كان.
ربَّت الضباط على كتفيه، حاولوا تهدئته، بعدما تعرفوا على هويته، تناوبوا على تعزيته، وفشلوا.. كان كينيونيس منهارًا بحقٍّ، افترش الأرض، وظل ينتحب حتى وصل عددٌ من أصدقائه إلى الموقع، وأنهضوه بمساعدة عناصر الشرطة، وأخذوه برفقتهم.
وفي الذكرى السنوية الرابعة لذلك المصاب الأليم، انساق اللاعب المكسيكي مساء الخميس إلى حادثٍ آخر، هذه المرة داخل الملعب، ولم تكن السارية سببه، وإنما حذاؤه الذي دعس ساق سعيد الربيعي، مدافع الأخدود، وكلفه المغادرة مطرودًا ببطاقة حمراء، وسط محاولاتٍ من عناصر القادسية لتهدئته، موقظين في ذاكرته ما فعله أصدقاؤه يوم انهياره على طريق سنتياجو السريع.