سكان عالم اليوم شهود على ما سيتغير للأبد، نحن فعلاً نعيش مرحلة التخلي عما اعتدناه، والدخول في عالم قائم على تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كلي، العالم الجديد قد نعرف فوائده، لكننا لا نعرف أضراره لغاية الآن. المشكلة في هذا التطور السريع أننا ندخله دون استعداد، ودون دليل استخدام. قرأت أن مسألة اعتماد السيارات التي تقود نفسها بنفسها مسألة وقت، أي أن ملايين سائقي الأجرة سيفقدون وظائفهم، حتى الشاحنات الثقيلة سيوجهها الذكاء الاصطناعي. لكننا في الوقت نفسه لا نعرف ما الذي سيغيره هذا التغيير في عالم النقل؟، الذي أعرفه لغاية الآن أن «هوشات» السائقين مع بعضهم ستختفي، وستختفي بعض المقولات الكلاسيكية عن حسن السياقة «السياقة ذوق وفن وأخلاق». بالنسبة للأفلام السينمائية فالمسألة شبه منتهية لصالح الذكاء الاصطناعي على حساب نجوم السينما، قريبًا سنشاهد أفلامًا ناجحة كتبت ومُثلت وأخرجت صناعيًا، وما فاجأني أن الكتابة الصناعية الكوميدية وصلت لمرحلة متقدمة، حتى أن كوميدية بريطانية ألقت نكاتها على الجمهور الذي ضحك طويلاً، ثم صدمتهم أن ما ألقته عليهم كان من تأليف الذكاء الصناعي. التغيير الذي سيحصل أن التمثيل لن يكون مهنة سهلة كما هو حاصل الآن، لأنه سيكون بنجوم صناعيين. البنوك في طريقها للانقراض، وأقصد هنا مباني البنوك، وستنخفض أعداد الموظفين بنسبة كبيرة، وستظهر بنوك جديد لا مباني لها، مجرد تطبيقات يديرها الذكاء الاصطناعي، وستنافس البنوك الحالية وقد تتفوق عليها. لن يكون هناك تغيير في نظام عمل البنوك، ستبقى قائمة على التربح من فوائد القروض التي تمنحها من إيداعات المودعين. بالنسبة للصيادلة آمل ألا تنزعجوا مني، بإمكانكم رؤية محلات كبيرة جدًا تعمل بموظف واحد أو اثنين، تاركين الزبائن يتعاملون من الشاشات الذكية بالدفع والبحث عن المنتجات. الصيدليات كذلك، وإذا قال الصيادلة إننا كيميائيين فالذكاء الاصطناعي تدخل في التركيبات الكيميائية، كما مزج العديد من الروائح وابتكر روائح عطور جديدة بيعت في الأسواق. ما يقلقني ليس أن الذكاء الاصطناعي يغير حياتنا بشكل سريع، ما يقلقني هو من يمتلكون هذا الذكاء، حساباتهم تختلف عنا، نحن نريد العيش مستقرين مع عوائلنا بالأسلوب الأفضل، وهم يتسابقون في رفع أعداد ملياراتهم، ولا يهمهم إن كان سباقهم على حساب مصالح الناس.