|


أحمد الحامد⁩
طقس ومظلات
2024-10-07
الأوروبيون يتحدثون عن الطقس بشكل يومي، وهو من أول المواضيع التي يفتحها معك الجيران أو الذين تلتقيهم صدفة وتتبادل الحديث معهم. اليوم عندما أفكر بالسبب الذي جعلهم يولون الطقس أهمية وكأنهم يكتشفون طقسهم لأول مرة وجدت أن الصحافة صنعت لهم هذا الاهتمام، لأنها تهتم بالتفاصيل وتكثر من التحذيرات وبعضها مثير للقلق.
تفسير آخر أن الطقس الأوروبي متقلب، وقد تعيش الفصول الأربعة في يوم واحد، قد تخرج في طقس مشمس ثم ينزل المطر دون سابق إنذار، أو دون تلميحات طقسية كتجمع للغيوم وتحولها للون الغامق. وربما هذا هو السبب الأقرب لاهتمام الصحافة الأوروبية لأحوال الطقس.
قد أكون من أكثر الأشخاص الذين لسعهم البرد الأوروبي لأنني فشلت في متابعة أحوال الطقس بشكل مستمر، وأكثر من ابتلت ملابسه ووقف تحت مظلة دكان أو تحت أغصان شجرة، متحاشيًا المزيد من المطر، وعندما كبرت وصرت أكثر تعقلًا اتخذت قرار حمل مظلة بشكل دائم، حتى في الأوقات التي تكون أشعة الشمس هي سيدة المكان.
لكنني وكعادتي أتخذ قرارات دون التأكد من قدراتي الشخصية، أي لا أفكر إن كنت أستطيع تنفيذ ما قررته، أو أنه مناسب لي، أو إن كان القرار نفسه مجرد ردة فعل لحالة صرت فيها. قرار حمل المظلة بشكل دائم كلفني شراء عشرات المظلات لكثرة ما أنساها أو أضيعها، ولو كانت هناك مسابقة للأكثر فقدانًا لمظلته لكنت الأول أو من الثلاثة الأوائل على أقل تقدير. كنت أضيعها في المقاهي أو على كراسي القطارات أو عند زيارة الأصدقاء. أذكر عندما اشتريت مظلة ونسيتها في القطار دون أن أستخدمها مرة واحدة، كانت مدة علاقتنا هي المسافة من المتجر إلى محطة القطار بالإضافة لوقت الرحلة القصير، تذكرتها عندما نزلت من القطار وانغلق الباب، التفت ورأيتها من زجاج النافذة، كانت تلك النظرة الأخيرة للمظلة التي لم أستخدمها مرة واحدة، الجيد أنني طبطبت على نفسي قائلًا: ربما اشتريتها ليأخذها شخص بحاجتها ولا يستطيع دفع ثمنها، كان عذري محاولة مكشوفة لشخص يدرك في أعماق نفسه أنه يعاني من سوء تركيزه، وكثرة شروده وفانتازيا خيالاته.
لم أكن أجلد نفسي على تضييعي المتكرر للمظلات، لأنني وبمجرد خسارتي لمظلة كنت أدخل في علاقة جديدة مع مظلة جديدة، هذا ما كان ينسيني المظلة التي سبقتها. مع الوقت والسفر فهمت أن الطقس يلعب دورًا مهمًا في تشكيل طبيعة حياة المجتمعات وأمزجتها، يُقال إن سكان البلدان الباردة صبورين، وسكان البلدان الحارة أقل صبرًا، لذا تم التحذير من مناقشة شخص ودرجة الحرارة تجاوزت الأربعين!.