|


أحمد الحامد⁩
العالم بعيون اقتصادية
2024-10-14
قرأت قديمًا أن الأطباء لا يتمنون أن يعيش الجميع بصحة جيدة دائمة، لا بد أن يكون لديهم مراجعين لكي يحصلوا عن المال، والمحامين كلما زادت المشاكل كلما زاد مراجعيهم. الحقيقة أن الأمر لا يقتصر على الأطباء والمحامين، وإن كان ما قيل عنهم على سبيل المزاح إلا أنه لا يخلو من حقائق اقتصادية. كل حركة في الحياة يقابلها تأثير يفيد شيئًا آخر أو يضره أو يلغيه، السمنة مثلًا رغم ما تسببه من إزعاج لأصحابها إلا أنها تدر أرباحًا كبيرة على الأندية الصحية، وعلى المطاعم طبعًا. «الريجيم» فتح أسواقًا جديدة لأطعمة لم نكن نعرفها، لكنه يؤثر على المأكولات الدسمة، الشوكولاته مثال. السيارات والنقل جعلت النفط سلعة ثمينة لا مجال للتخلي عنها، لكن النفط أقعد الفحم في المناجم، السيارات كانت كابوسًا على تجار العربات الخشبية والخيول، والصلع الذي لا يحبه الرجال هو من يصرف على عيادات زراعة الشعر وجعل من بعض ملاكها أثرياء، وجود الشعر يعني سوقًا مزدهرة للحلاقين ولمصانع الشامبو. عندما أفكّر اقتصاديًا في أي شيء أمامي أجد أنه يؤثر تأثيرًا مباشرًا في أشياء أخرى، لكن أغرب ما مر علي عن التأثير الاقتصادي هو ما قرأته قبل أيام على «ثريد»، كان يناقض الفائدة الصحية من ركوب الدراجات الهوائية، وأن الدراجات لها تأثير سلبي على الاقتصاد، إليكم ما كتبه أشرف زغلول على ثريد «قال الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات العملاقة: الدراجات لا تنقذ الكوكب، بالعكس.. هي الموت البطيء للاقتصاد، لأن راكب الدراجة لا يشتري سيارة ولا يقترض ثمنها، لا يشتري التأمين على السيارات، لا يشتري الوقود، لا يرسل سيارته للصيانة والإصلاحات، لا يستخدم مواقف سيارات مدفوعة، لا يسبب حوادث خطرة، لا يطلب طرقًا سريعة متعددة المسارات، لا يصاب بالسمنة. الأصحاء ليسوا ضروريين للاقتصاد فهم لا يشترون الأدوية، ولا يذهبون إلى المستشفيات أو الأطباء، إنهم لا يضيفون شيئًا للناتج، في الجهة المقابلة كل مطعم وجبات سريعة دسمة يخلق 30 وظيفة على الأقل، وأطباء قلب وأسنان وخبراء في إنقاص الوزن. ملاحظة: المشي أسوأ من الدراجة فالذين يمارسون المشي لا يشترون دراجة»، لا شك أنها كتابة طريفة للضحك، لأن الإنسان وصحته الأهم في الحياة، لكنها تشير إلى تأثير الأشياء على بعضها. بالمناسبة يوجد في هولندا دراجات هوائية أكثر من البشر حتى أنها لقبت بأرض الدراجات الهوائية، صحيح أن صناعة الدراجات ازدهرت عندهم لكن الازدهار هذا ضرب صناعات ووظائف أخرى. قبل أسابيع هاتفني أحد المختصين بتصاميم الجرافيكس، سألني إن كنت أعرف شركة بحاجة لمصمم، سألته: هل خرجت من وظيفتك؟ أجاب: لم أخرج.. أخرجوني لأنهم استبدلوني بالذكاء الاصطناعي الله لا يوفقه!.