|


مانشيني.. الجماهير لا تنتظر الورد مثل كالكانيو

الرياض ـ أسامة فاروق 2024.10.16 | 02:26 pm

تمامًا مثل ما فعله مع المذيعة الحسناء ميكايلا كالكانيو قبل 8 أعوام، يُظهر الإيطالي روبرتو مانشيني، مدرب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، لحاضري مؤتمراته الصحافية، قبل وبعد مباريات الأخضر، نسخة أخرى منه، مستترة خلف قسمات وجهه المليحة، وهيئته المهندمة الرصينة.
نهاية الشهر المقبل، ستحتفل تلك المذيعة الإيطالية بإتمامها 51 عامًا قضت نحو نصفها في مطاردة الأخبار والركض خلف السبق الصحافي. أرشيف مهني طويل حين تقلّبه تلوح لها حلقة من برنامجها المتلفز على قناة "ميدياست بريميوم" بتاريخ 31 يناير 2016. تتوقف أمامها، وتنظر بطرف عينها إلى قاعة مؤتمرات ملعب "الجوهرة المشعة" في مقاطع متداولة لتصريحات مانشيني الانفعالية قبل لقاء البحرين الأخير، وتهز رأسها بأسى.
في تلك الحلقة، مارست كالكانيو عملها الاعتيادي، واجهت المدرب بالأسئلة مثلما يفعل الصحافيون في كل وقت ومكان، لكن يومها كان مانشيني متوعك المزاج، مشتعل اللب، يكظم غيظًا محمومًا يمور داخل صدره، بعد خسارة الديربي القاسية مع إنتر أمام ميلان بثلاثية نظيفة.
سألته المذيعة عن إشارته البذيئة تجاه عدد من جماهير ميلان أثناء مغادرته أرضية ملعب "سان سيرو"، وطَرْده خلال المباراة إلى المدرجات، جرّاء اعتراضه على ما رآه ضربة جزاء مستحقة للاعبه إيدر ضد جانلويجي دوناروما، حارس المنافس. طلبت منه تعليقًا حول استهزائه بمهاجمه الأرجنتيني ماورو إيكاردي، قبل أسبوع، عندما ذكر أنه، وهو في عمر الخمسين، يستطيع ترجمة الفرصة التي أضاعها اللاعب أمام كاربي.
استجوبته حول أشياء تطلَّب الرد عليها أعصابًا هادئة لم تكن لديه بعد 3 مباريات متتالية دون انتصار، وهزيمتين أمام الغريمين يوفنتوس وميلان، وانهيار من قمة ترتيب الدوري إلى المركز الرابع في غضون شهر واحد.
جاهدًا حاول احترامها، ضغط على أسنانه فانفرطت من بينها هذه الكلمات كالسهام: «كفى من الهراء.. دعونا لا نبحث عن الجدل حيث لا يوجد أي جدل، لقد أوضحت بالفعل أن ما قلته – عن فرصة إيكاردي – كان مجرد مزحة".
وشكَّك في أهلية الحكم أنتونيو داماتو، الذي طرده، قائلًا: "لم أقل أي شيء مسيء، لكن الحكام هكذا.. من الواضح أن داماتو لا يعرف القاعدة، كانت ركلة جزاء، ويفترض أيضًا طرد أحد لاعبي ميلان خلال الشوط الأول. الحكم ومساعدوه ارتكبوا كوارث، وكانوا الأسوأ على أرض الملعب".
وأضاف وكأنه لا يرى عيبًا من إشارة البذيئة طالما يوجد لها علة: «نعم، فعلتها. عندما أفعل شيئًا أقوله. لقد وجهت إصبعي إلى بعض مشجعي ميلان، ثمانية أو تسعة، الذين أهانوني أثناء مغادرتي الملعب".
وواصل التبرير قائلًا: "كانوا في مكان لا ينبغي لهم أن يكونوا فيه، وكان من المفترض أن يبقيهم المشرفون في الخلف. أخبرتهم أنني فعلت ذلك، هذا كل شيء. دعونا لا نثير الجدل، كفى من الهراء".
ونزع مانشيني سماعة الاتصال الهاتفي من أذنه، وأنهت المذيعة المقابلة، ومضى وقت ثقيل، خيَّم على قاعة الأستوديو، وامتدّ خارجها طوال الأيام التالية. نقابة الصحافيين الإيطاليين استهجنت تعرض عضوتها لذلك السلوك العدائي، أصدرت مذكرة طالبت فيها بـ "احترام الزملاء"، رأت أن ردود المدرب الفظة والمتغطرسة لا يمكن تبريرها بتأثير نتيجة المباراة.
حين تكون الموجة عالية، لا يمكن لأحد الوقوف أمامها، والأزمة تصبح عادةً أعمق طالما كان المتضرر أنثى.. عندئذ استخدم مانشيني ذكاء الرجال في التعامل مع النساء.. قرع وترها العاطفي الناعم عبر طاقة ورد شيّعها إلى أستوديو حلقة جديدة من برنامجها، مقدمًا لها اعتذارًا وجد قبولًا فوريًا، على الهواء مباشرة.
وفي السعودية، يدلل مانشيني على وردِه من جديد، أحيانًا يرسل أعذارًا مثلما حدث بعد واقعة الانسحاب أمام كوريا، وفي أحيان أخرى لا يبالي ويواصل الجموح، وجمهور الكرة لا يرضيه الورد بالطبع، وإنما يريد أهدافًا وانتصارات غابت، وكالكانيو تتوقف عن تذكر واقعتها، وتشرد منتظرة ما سيفعله المدرب هذه المرة للعبور من أزمته.