|


د.تركي العواد
ثقافة الاستقالة
2024-11-21
من الصعب أن يعترف الإنسان بالفشل، ودائمًا يحركه الأمل بأن الأمور ستتحسن، ولكن النجاح بيّن، والفشل بيّن، ولا يمكن الخلط بين الاثنين مهما كثرت الأعذار وعظمت الوعود.
قرار الاستقالة ليس قرارًا محببًا للنفس بل هو مؤلم، ولكن الإنسان يفكر فيما هو أكبر منه كشخص، فالأولوية التي يجب أن يفكر فيها متخذ القرار هي الصالح العام، ولا يمكن أن تكون الأولوية هي الاستمرار أطول وقت ممكن على الكرسي.
ثقافة الاستقالة مفهوم عظيم ويعني أنك تقدم المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية، تعني أنك تضحي بنفسك ومصالحك من مبدأ «إتاحة المجال للغير» لكي يأتي شخص آخر أو فريق عمل جديد برؤية جديدة قد تغير الاتجاه.
قد يرى القارئ أن ما أقوله كلام في الهوى، وأن أحدًا لا يمكن أن يستقيل طوعًا ومن تلقاء نفسه، ولكن الاستقالة وثقافتها كانت حاضرة عندما كان رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم قصي الفواز، وقتها كنت عضو مجلس إدارة في الاتحاد وقدمت اقتراحًا بتقديم الاستقالة بعد خسارة منتخبنا في كأس آسيا 2019، رغم رغبة الفواز ومجلس الإدارة في الاستمرار إلا أن المحرك الرئيس وقتها لمجلس الإدارة رئيسًا ونائبًا وأعضاءً كان الوطن أولًا، وفعلًا قدم مجلس الإدارة الاستقالة مع نهاية الموسم.
يجب أن نعلم أننا عندما ندخل مجلس إدارة أو نتولى المسؤولية في منصب عام فإننا نهدف لخدمة وطننا العظيم ونقوم بما نستطيع لخدمة هذا الهدف، ولكن الأمور قد تسير بشكل غير جيد، لذلك نجد أنفسنا أمام قرار صعب، فكل حواسنا تطلب منا الاستمرار، ومن حولنا أيضًا يضغطون علينا للبقاء، ولكن العقل والمنطق يخبرنا بأن وقت الرحيل قد حان.
حتى بالتفكير الفردي الأناني ودون التفكير في ما هو أبعد من ذلك، فإن البقاء في المنصب والجميع يطالبك بالاستقالة يعني نتيجة واحدة، أنك ستحترق للأبد، ولن يكون لك مستقبل في مكان آخر، ولن يتذكر الناس إلا تلك الشخصية التي تمسكت بالكرسي بالأظافر والأسنان.
في بلدنا العظيم دائمًا هناك فرص، المهم أن تخرج من منصبك بفروسية وبشكل لائق ومشرف تجعل الناس تأتمنك مرة أخرى.