|


أحمد الحامد⁩
دعايات مجنونة!
2024-11-25
الحياة غير مسؤولة عمّا يفعله البشر من غرائب وعجائب، لماذا نلقي باللوم عليها ونحن الفاعلون لكل شيء فيها؟ نحن من نصنع الجمال، ونحن من نصنع الفوضى، وما الحياة كما قيل إلا مسرح واقعي، هذه الأيام انتشر خبر شراء ثري صيني لوحة مضحكة عبارة عن موزة حقيقية معلقة على الحائط بمبلغ تجاوز 6 ملايين دولار، والمشكلة الأكبر أن مبتكر اللوحة فنان شهير ومحسوب على الفن «ماوريزو كاتيلان». الموزة المعلقة بالجدار بشريط لاصق بيعت في دار سوذبيز المعروفة، وقال مشتري اللوحة جاستن صن بكل ثقة «إن هذا ليس مجرد عمل فني، إنه يمثل ظاهرة ثقافية تربط بين عوالم الفن والميمات، ومجتمع العملات المشفرة، أعتقد هذه القطعة ستُلهم المزيد من التفكير والمناقشة في المستقبل، وستصبح جزءًا من التاريخ».
لا أرى أن جاستن صن معتوهًا كما ظن الجميع، لأنه وبعد أن أصبح ثريًا من العملات المشفرة شعرَ أنه مازال مغمورًا رغم ثرائه، وكان الحل في فعل شيء غريب يصنع له الشهرة، حتى وإن كان شراء موزة بـ 6 ملايين، فهو لم يتعب في جمع ملايينه من عملاته المشفرة، فما بالك في صرف القليل منها ليصبح مشهورًا على مستوى عالمي.
أما دار المزادات والتي يفترض أنها عريقة فقد تخلت عن رصانتها وسال لعابها أمام الملايين المجانية، حتى أن المشرف على البيع قال «إن بيع موزة في المزاد كلمات لم أتصور أبدًا أنني سأقولها». كل ما حصل هو عملية إعلان للثري الصيني لا أكثر، وبدلًا من أن يقوم بالعديد من الأنشطة الإعلامية والاجتماعية لينال الشهرة قرر أن يختصر بالاتفاق مع الفنان ودار المزادات.
هذه الطريقة لنيل الشهرة السريعة موجودة في اليابان عبر قيام أصحاب المطاعم بشراء أسماك التونة بمئات الآلاف من الدولارات للواحدة، وموجودة في عالم السوشال ميديا من خلال الخروج عن المألوف.
نسيّ الثري الصيني أن ليس كل شهرة محمودة، كان بإمكانه الحصول عليها بطريقة أفضل، الآن لن يُعرف على مستوى العالم برجل العملات المشفرة، بل بالرجل الذي اشترى موزة بـ 6 ملايين!
ـ ألكسندر دوما: الفرق بين العبقرية والغباء هو أن العبقرية لها حدود.