|


قاتل الفيحاء.. ترك الدفاع وضرب الريال وبرشلونة

الرياض ـ أسامة فاروق 2024.12.01 | 03:09 pm

مع أواخر العقد الأول من الألفية الحالية بدأت تتكشف ملامح ظاهرة المدافع الإسباني سيرجيو راموس، وتطلع كثيرون لتقفي أثره، أحدهم فتى غاني ناف عمره آنذاك عن العشر بقليل، يُدعى إيمانويل بواتينج.
رغم النحول والضآلة الباديين عليه، اختار له مدربه في نادي شاريتي ستارز الغاني، مركز قلب الدفاع، وطاوعه الصغير دون نقاش، ففي إفريقيا الحالمون بعبور المتوسِّط شمالًا إلى جنّة الكرة الأوروبية عليهم الانصياع والتسليم فقط إذا ما أرادوا إكمال الرحلة.
هذا ما استوعبه بواتينج من البداية، لذا اقتنع بقدرته على اللعب مدافعًا، وبدا له راموس، عبر ما كان يقدّمه مع فريق ريال مدريد والمنتخب الإسباني، نموذجًا يحتذى في هذا المركز.
وعندما وصل إلى 17 عامًا، قرّر مدربه في شاريتي ستارز، هكذا ببساطة، محو كل ما فات، ونقله من الدفاع إلى الهجوم، ومجددًا رضخ الشاب الذي ليس له الخيرة من أمره، وأصبح منذ ذلك الوقت يلعب إما رأس حربة، أو جناحًا، يمينًا ويسارًا.
«في إفريقيا، أي مركز يُطلب مني كنت سألعب فيه، هذا أمر طبيعي إذا رغبت الذهاب إلى أوروبا حيث لا تدري أين سيريدون توظيفك في الملعب، لذا عليك التأقلم مع أي خانة». ذلك النضوج الذي يظهره بواتينج عبر هذه الكلمات ساعده كثيرًا عندما غادر إلى أوروبا عبر بوابة ريو آفي البرتغالي عام 2013، فهناك استخدموه في مختلف المراكز الهجومية، واستطاع اللاعب التكيف مع متطلبات كل منها بفضل اعتياده على التعامل مع كثرة المتغيرات منذ النشأة.
إبعاده عن الدفاع، وتثبيته في الهجوم جعله أقرب إلى المرمى، وبسببه ذاق حلاوة تسجيل الأهداف باستمرار، وأحدثها لمصلحة فريق العروبة الأول لكرة القدم في الدقيقة الأخيرة من مباراته مع الفيحاء ضمن الجولة الـ 12 من دوري روشن السعودي.
دأب الغاني على تسجيل الأهداف المهمة، مع قلتها في مسيرته مقارنة بطبيعة مهام مركزه، والفيحاء ليس أول الضحايا، فقبله اكتوى أيضًا ريال مدريد وبرشلونة، عملاقا إسبانيا وأوروبا، بلدغات المهاجم القصير.
في 3 فبراير 2018، ضمن إحدى جولات الدوري الإسباني «لا ليجا»، حلَّ الريال، ضيفًا على ليفانتي، الذي أحضر بواتينج من البرتغال. يومها تواجه اللاعب مع راموس، مثله الأعلى عندما كان مدافعًا.
وإمعانًا في المفارقات، سجّل راموس هدفًا، وردّ عليه بواتينج، وعرقل ليفانتي ضيفه بالتعادل 2ـ2، وأفقده نقطتين مُفاقمًا سوء أوضاعه في الدوري خلال تلك الفترة.
وبعد نحو 3 أشهر، استقبل الفريق الصغير في الجولة قبل الأخيرة ضيفه برشلونة، الذي كان حسم اللقب بالفعل، ويريد تسجيل رقم قياسي بإنهاء الدوري دون خسارة.
وفوّت بواتينج على برشلونة هذا الإنجاز، عبر إحراز هاتريك تاريخي، لم يتمكن لاعب آخر من تسجيله في الفريق الكاتالوني منذ ثلاثية الأوروجوياني دييجو فورلان لمصلحة فياريال عام 2005. وبفضل الهاتريك فاز ليفانتي 5ـ4 مُسقطًا أبطال الليجا للمرة الأولى خلال ذلك الموسم.
«كانت ليلة لا تنسى» بالنسبة للفتى الإفريقي، احتفل في نهايتها بصخب مع زميله السعودي فهد المولد وبقية لاعبي الفريق داخل غرفة تبديل الملابس. شعر ابن اكرا، العاصمة الغانية، كما قال لاحقًا «بالدهشة والصدمة»، فهو أراد التسجيل، وأسرّ بذلك لأكثر من لاعب قبل اللقاء، لكنه لم يحلم بإحراز هاتريك.
بعد المباراة، خصّه البرازيلي فيليبي كوتينيو، لاعب وسط برشلونة، الذي سجّل 3 أهداف يومها أيضًا، بنصيحة، مفادها: «واصل العمل بجد، عليك الإيمان بنفسك، والاستمرار على ما تقدمه، لأن ذلك سينقلك إلى خطوات أكبر في المستقبل».
أرخى اللاعب أذنيه للنصيحة، دون تطبيقها، وتأثر سلبًا بالأضواء التي تسلطت عليه بعد الثلاثية، ولم يسجل مجددًا للفريق سوى هدف واحد على مدى نحو عام كامل، ثم غادر إلى الصين، ومنها عاد إلى ريو آفي، قبل حط الرّحال في العروبة الصيف الماضي.
ومع «سفير الجوف»، خاض بواتينج 12 مباراة ضمن بطولة الدوري، واكتفى بتسجيل هدفين فقط، أسهم بأوَّلهما في التعادل أمام الخلود 3ـ3، وانتزع بالثاني الفوز على الفيحاء 1ـ0. حصيلة محدودة لكنها مؤثرة جريًا على دأبه، أمّن بها 4 نقاط من أصل 13 حصدها الفريق في البطولة.