كم هي المرات التي استغربت من موضة غريبة منتشرة، ثم وجدت بعد مدة أنك واحد من المتأثرين بها؟، أتذكر عندما ظهرت بنطلونات الجينز الممزقة وكمية الرفض لها، ثم صارت موضة عصرية تشاهدها على أشخاص كنت تتوسم فيهم أنهم أكبر من دفع أموالهم لشراء بنطلون ممزق! الحمد لله أني لم ألبس هذا البنطلون تحديدًا، لكنني وللأمانة حمت من حوله فلبست الجينز الفاقد لصبغته الزرقاء في أجزائه الأمامية! هذا التحكم القوي على نفسي الضعيفة هو من أنجاني من الجينز الممزق وهو ما جعلني إلى غاية اليوم أتهكم على صديقي في كل تجمع للأصدقاء: يا جماعة ترى أخونا خالد شخصية غير عادية.. تراه من العظماء اللي اشتروا ولبسوا الجينزات المشققة!، الموضة نوع من أنواع التأثير، تبدأ غريبة وقد تكون مرفوضة ثم يعتادها الناس فتصبح ذوقًا عامًا، والمشكلة عندما تكون الموضة سيئة فيتحول الذوق إلى سيئ تم الاعتياد عليه. مع انتشار تطبيقات السوشال الميديا تبدل اسم الموضة إلى «ترند» وهو الأسرع انتشارًا من الموضة التي تتطلب وقتًا أطول، الترند ينتشر عالميًا في يوم أو يومين، وقد يطلقه شخص عادي دون تخطيط. في «التيك توك» مثلًا لا يمر أسبوع واحد دون «ترند» جديد، وقبل أن أقول لكم عن آخر ترند على «التيك توك» أود أن أسأل: هل تقبل لو قُدم لك قهوة بالحليب وبداخلها قطع من البصل الأخضر؟ هذه آخر موضة في عالم المشروبات، وهي خلط القهوة بالبصل الأخضر، وصدقوني مهما كان رفضنا لها الآن فإننا سنعتاد على مشاهدة من يشربها إذا ما انتشرت، ثم لن ننتظر طويلًا لنجد نفسنا نود لو تتذوق فقط، ومن يدري بعد ذلك فقد يسألنا أحدهم بعد مدة عن مشروبنا المفضل فنجيبه: قهوة بالبصل طبعًا! نسبة ليست قليلة وأنا منهم نعتقد أننا مخيّرين فيما نشتري ونلبس، والحقيقة أننا نشتري ما تفرضه علينا الموضة أو الترند دون وعي كامل منا، نعتقد أننا نختار لكننا في الحقيقية موجهين بالتأثير العام، وهذا ما يفسر رفضنا الأولي لموضة أو ترند معين ثم نقبل به بعد مشاهدته عند الآخرين. كان أحد الأصدقاء ينصحني في مرحلة الشباب بأن لا أسخر من أحد أبدًا، كان يقول بما معناه: انتبه.. قد يأتي اليوم الذي تفعل نفس ما يفعل!، اليوم وللأسف أنا من يسخر على نفسي في الصور القديمة، لا أستطيع فتح ألبوم الصور لشدة ما كنت أسيرًا للموضة في مرحلة المراهقة وبدايات الشباب، والمشكلة ليست في ارتداء الملابس على الموضة إن كانت جميلة، لكنها في تلك التي تبدو بعد مدة مضحكة!.