|


موكوكو ليس وحده.. تشيلا المزيف هز الإكوادور

الرياض ـ أسامة فاروق 2024.12.27 | 09:00 am

على الطريق المؤدية إلى مدينة إزمرالداس، شمال غربي الإكوادور، انقطع حبل أفكار جيدو مانولو كامبانيا، الصحافي الرياضي في جريدة إل يونيفرو المحلية، على وقع صوتٍ أجشَّ لمسلحَين اثنين، يأمرانه بالترجُّل فورًا خارج الحافلة، وإلا باتت تلك الساعة من يوم 7 ديسمبر 2010، آخر عهده بالحياة.
في ثوانٍ، عصب المسلَّحان عينَي كامبانيا، وقيَّداه، واقتاداه إلى مكانٍ غير معلومٍ، وهناك نكَّلا به، ضربًا وتهديدًا واستجوابًا بسبب تحرِّياته الصحافية حول اتِّهامات تزوير الهويَّة، المتورِّط فيها جونزالو تشيلا، لاعب فريق ليجا دي كويتو الإكوادوري. حذَّراه، وتوعَّداه، وهدَّداه بالقتل، وإيذاء أسرته إذا استمرَّ في مسعاه. وبعد نحو سبع ساعاتٍ، أطلقا سراحه في حي تيوينزا، جنوب المدينة، عقب مصادرة جميع مقتنياته الشخصية، بما فيها الكاميرا الرقمية، وجهاز التسجيل الصوتي، والهاتف النقَّال، ودفتر الملاحظات.
وما كاد كامبانيا يسترد حريته حتى توجَّه إلى قسم شرطة إزمرالداس، وحرَّر محضرًا، مطالبًا السلطات باعتقال المختطفين ومقاضاتهم، فيما شرعت صحيفته، وعلى الرغم من تهديدات المسلحين، في نشر تحقيقاته حول الاتِّهامات المحيطة باللاعب.
في تلك الأثناء كان جونزالو تشيلا، الجناح الأيسر، يقضي موسمه الثاني برفقة الفريق الإكوادوري، بعدما احتفل، خلال الأوَّل، بتحقيق لقب «كوبا سود أمريكانا» القاري، على حساب إستوديانتس دي لا بلاتا الأرجنتيني، سبتمبر 2010.
وبعد ذلك اللقب بنحو ثلاثة أشهرٍ، انتشرت، على استحياءٍ، رواياتٌ صادمةٌ، تشكِّك في اسم اللاعب وعُمره، عضّدها ظهور شخصٍ، يعمل قسًّا إنجيليًّا في مدينة جواياكيول، يدَّعي أنه جونزالو تشيلا الحقيقي، ويتَّهم جناح ليجا دي كويتو بانتحال هويته دون علمه.
وبحسِّه الصحافي، التقط كامبانيا تلك القرائن كطرف خيطٍ لإجراء تحقيقٍ مستفيضٍ حول الواقعة، أثبت من خلاله حمل اللاعب وثيقةَ هويةٍ مزوَّرةً بالفعل، مفجِّرًا مفاجأةً، هزَّت الوسط الكروي في الإكوادور بعنفٍ.
اللاعب صاحب القميص رقم 18، الذي هتف له مشجّعو ليجا دي كويتو مرارًا، وأهداهم مئات التوقيعات باسم جونزالو تشيلا، اتضح أنه يدُعى أنخيل تشيمي، ووُلِد في 19 نوفمبر 1981، وليس 9 ديسمبر 1985 كما تُظهر هويته المزوَّرة المعبأة ببيانات الشخص الأصلي. أعوامٌ عدة، استطاع خلالها الاحتيال على مجتمع كرة القدم في الإكوادور بأكمله، وتمكَّن من بدء مشواره مع وضد لاعبين من فئاتٍ عُمريةٍ، تصغره سنًّا، ما كفل له أفضليةً غير مشروعةٍ عليهم، وسلَّط صوبه أضواءً، ومنحه فرصًا احترافيةً لا يستحقها.
وبعدما تكشَّفت أركان الفضيحة، فتح الاتحاد الإكوادوري تحقيقًا شاملًا، واستدعى اللاعب لجلساتٍ عدة، استمع فيها لأقواله، وخلص إلى إدانته، وأوقفه لمدة عامين، ثم قلَّص العقوبة لاحقًا إلى عامٍ واحدٍ.
ومع انتهاء مدة العقوبة، عاد اللاعب إلى الظهور، باسمه الحقيقي، أنخيل تشيمي، وقضى عامًا إضافيًّا مع ليجا دي كويتو، ثم دخل في سلسلةٍ من التجارب الكروية المتواضعة، آخرها 2022 برفقة فريق جوفينتود المحلي، قبل الاعتزال.
وحاليًّا، تطفو هذه الواقعة على سطح الذاكرة الكروية، تزامنًا مع ظهور حالةٍ شبيهةٍ، بطلها المهاجم الألماني يوسف موكوكو، المُعار من نادي بوروسيا دورتموند في بلاده إلى نيس الفرنسي.
واستنادًا إلى شهادة والد موكوكو المزيف، الذي أنكر أخيرًا إنجابه اللاعب، تحاول صحيفة «بيلد» الألمانية إثبات شبهة تزويرٍ في شهادة ميلاد المهاجم الدولي، أخَّرت مقدمه، على الورق، أربعة أعوامٍ مثل تشيمي، من 19 يوليو 2000، إلى 20 نوفمبر 2004.
وفيما تبذل «بيلد» محاولاتها لإظهار الحقيقة، يواصل تشيمي، عبر أكاديميةٍ كرويةٍ، افتتحها عقب الاعتزال، تأسيس موهوبين جددٍ، يقف بنفسه على انطلاقتهم بهوياتهم الأصلية، ممارسًا الدور الرقابي ذاته الذي خدعه عندما كان قريبًا من أعمارهم قبل أعوام مضت.