|


رياض المسلم
«أنا أتحمل المسؤولية» لكن نحن لا نتحملك!
2025-01-01
سألت أحد الزملاء في المهنة عن سبب عدم إنجاز مهمة فأجاب: "أنا أتحمل المسؤولية".. سكت وتهت وضعت وشعرت بأنه أقنعي، فتلك الجملة هي الخلاص من أي عتب أو محاسبة..
وخلال متابعتي للمنتخب السعودي في بطولة الخليج العربي 26 في الكويت وظهوره بمستوى "هزيل" وغير مستغرب أمام منتخبات يفوقها عدة وعتادًا أدى إلى خروجه من الدور نصف النهائي على يد عمان، ظهر ياسر المسحل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ليطلق عبارة "أنا من يتحمل المسؤولية" أمام وسائل الإعلام، ليتجمد الصحافيون عندها فهم اعتادوا أن تلك العبارة توازي "THE END" في الأفلام، فتتجمد معها الأقلام والألسنة..
رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم وفريقه يكاد الأكثر سخطًا ونقدًا عليه منذ تأسيس اتحاد اللعبة، وتوحدت الألوان واتفقت على أن الاتحاد الحالي الأكثر تدفقًا ماليًا ودعمًا، بعكس اتحادات مضت كانت ميزانيتها تتغذى على إيرادات "المخالفات والانضباط" لكن رغم ذلك كانت مرتبطة بالإنجازات، متحدية المنافسين وعصب الحياة..
اتحاد المسحل، حظي بكل مقومات النجاح لكنه لم يترجمها إلى نجاح، ولا سيما في المنتخبات السعودية فهي المؤشر العام على قياس جودة العمل ومخرجاته، فلا فائدة من مصنع حلويات عملاق وكبير ومنظره مبهر وجاذب لكن منتجه مذاقه مرّ ولا يستطعمه اللسان..
لم أكن أنوي انتقاد اتحاد القدم الحالي، فلا أعتقد أن هناك فائدة من ذلك إلا بعد أن وصلتني رسالة من أحد الأصدقاء "الكتوميّن" وممن أثق في رأيهم كثيرًا وأحد الناجحين في كافة المجالات، ويبدو أن نتائج الأخضر جعلته يطلق صرخة تحولت إلى كتابة عبر رسالة في "الواتس آب"، وأنقل جزءًا منها، وكتب: "مع كل إخفاق للأخضر أصبحت جملة أنا أتحمل المسؤولية" "كليشة جاهزة تسكت الإعلام والجماهير ولكن أعتقد بأن المسؤول يجهل أن الجمهور والإعلام أصبحا واعيين جدًا ولا تنطوي عليهما مثل هذه العبارات، فالمسؤولية هي أن تعمل وتغير وتفهم ما يحصل وتحاول المضي قدمًا، فمن غير المنطقي تكرار الأخطاء والأفعال نفسها واعتقاد أن النتائج ستكون مختلفة وأن المسؤول عن الاتحاد هو فقط من يفهم كرة القدم وأن غيره جاهل بها وبعض التصاريح التي تخرج من المسؤولين في اتحاد الكرة لا معنى لها! فتارة اللاعبين، وأخرى الغيابات أما الطامة الكبرى هي أن يتم مقارنة المنتخب بمنتخبات تخسر"..
ويختم الصديق العزيز: "الصرف المالي والتطور الكبير في رياضتنا يحتاج تفكيرًا وأشخاصًا مختلفين تمامًا عن الموجودين في اتحاد الكرة، ولا بد من دمج الدماء الجديدة مع الخبرات مهم للوصول إلى ما نطمح له في ظل هذا الدعم الهائل الذي تحظى به رياضة الوطن عبارة (أنا أتحمل المسؤولية) لن تجلب لنا البطولات ولن ترفع من تصنيفنا الدولي ولن تكشف لنا مواهب صاعدة".
لجميع القائمين على اتحاد القدم الحالي، وكما قال الرئيس: "أنا أتحمل المسؤولية"، نعم ندرك بأنك تتحملها وتتحمل وزرها، لكن نحن لم نعد نتحمل تكرار الأخطاء، ولم نعد نتحمل بعدنا عن الإنجازات، ولم نعد نتحمل الإخفاقات، ولم نعد نتحمل حتى تبريراتكم وفشل عملكم ومخرجاته، فرجاء أصبح الحمل علينا وعليكم ثقيلًا والحل بين أيديكم، وأنتم اجتهدتم ولم توفقوا في عملكم، ونحتاج إلى عبارة أقوى وأكثر نفعًا من "أنا أتحمل المسؤولية" تطلقونها وقد يكون بعدها عودة لازدهار الأخضر مع اتحاد جديد..
وبالمناسبة، عدت بعد سماع تلك العبارة لمناقشة الزميل عن سبب عدم التنفيذ وأن يبرر لي المسؤولية التي يتحملها ولماذا وكيف وأطلقت سيلًا من مفاتيح الاستفهام، فلم يعد "التباهي بتحمل المسؤولية" نجاة من الاستفهامات والمحاسبة..