|


أحمد السويلم
متى تعمل أنديتنا في الذكاء الاصطناعي؟
2025-01-10
أعلم بأن عددًا من الأندية قطعت شوطًا كبيرًا فيما يسمى علم البيانات، حتى وإن كان بعضها يعتمد على طرف ثالث مثل «StatsBomb وOpta» وغيرها، إلا أن أساس الاهتمام بالبيانات إجمالًا أمر جيد، لكن الأهم ليس جمع هذه البيانات وتكدسيها بملفات الأجهزة إذا لم يتم استغلالها بشكل جيد بما فيها بيانات الفرق المنافسة والرئيسة على الألقاب.
هل المدربين يقتنعون بها؟ فيما يظهر لي من نظرة بعيدة، لا سيما في الأندية الكبرى، يوحي بأن بعض المدربين يلجأون للأفكار التقليدية وقد لا يؤمنون فعلًا بتحليل هذه البيانات، حتى على مستوى المنتخب، فلو أن «رينارد» مدرب منتخبنا الوطني قد لاحظ أو طلب بيانات الظهير الأيسر ياسر الشهراني، لا سيما صناعة الفرص المحققة أو متوسط عدد الكرات العرضية الصحيحة في آخر 10 مباريات خاضها، للجأ إلى بديل آخر، لكنه اختار الاعتماد على مفهوم «الخبرة الدولية، والاستقرار الفني» مفضلًا إياها على علم الإحصاء والبيانات.. قلت مفضلًا ولم أقل متجاهلًا.
العالم الآن تقدم خطوات إلى الأمام وتجاوز علم البيانات - بمفهومه البسيط - ولجأ إلى نظريات أخرى متقدمة مستفيدًا من الثورة التي تمت خلال آخر عامين في «الذكاء الاصطناعي»، الذي سيسهل الكثير من الأمور لطواقم الأندية الفنية ويتيح لها مسارات هائلة من الابتكار في طريقة الأداء الفني وتحليل الأداء الرياضي، وأترك لك المجال لتخيل قدرة هذه الأدوات لتحليل تحركات اللاعبين وأنماط لعب الخصوم والمساحات الفارغة من خلال تحليل أداء الخصم خلال آخر 5 مباريات له، بل ودراسة سلوك حراس المرمى ومعرفة نقاط ضعفهم البسيطة «تمركزهم في العرضيات، قدرتهم على صد الكرات الأرضية، وقوفهم في الفاولات»، وبل أبعد من ذلك في أنظمة ذكاء تحلل أداء اللاعبين الجدد قبل التعاقد معهم كما يفعل نادي باريس سان جيرمان الفرنسي حاليًا.
أعتقد أننا بلغنا من التقدم التنظيمي في أنديتنا الآن، لا سيما بعد استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على الأندية الأربعة، ما يتيح إنشاء وحدات للذكاء الاصطناعي تبدأ مع لعبة كرة القدم، ويظهر لي تنظيميًا بأن ناديي الاتحاد والهلال هما أكثر الأندية المستقرة خلال الوقت الحالي لبدء التجهيز لذلك مع الموسم الرياضي المقبل، وتكون هذه التجربة منطلقًا لتعميمها على بقية الأندية، بشرط ألا يكون إطلاق تلك الوحدات صورة تجميلية للمنشأة - كما نراها في بعض الجهات الخاصة - من خلال إبرازها بفيديوهات وعروض تقديمية - بل تكون وحدات عملية حقيقية من خلال ذراع تجاري عالمي يشارك النادي ويمده بآخر التحديثات والتطورات في هذا المجال.
كما أن المشرع - وأعني به وزارة الرياضة - مطالب بوضع تشريعات تساعد على هذه النقلة التقنية، أقلها إيجاد تشريع إجباري للأكاديميات بوضع أدوات واضحة ومتفقٌ عليها «مفتوحة المصدر» تتضمن بيانات اللاعبين وأعمارهم وبعض الأساسيات التي تتيح للكشافين جزءًا من المعرفة، مثل عدد الدقائق الملعوبة - عدد الفرص المحققة - عدد البطاقات، وغيرها، وهذا سيساهم في تنظيم استقطاب المواهب واصطيادها الموهبة - إن جاز التعبير - مبتكرًا اعتمادًا على البيانات والتحليل الدقيق، دون الحاجة إلى وجود كشّاف يحضر المباريات ويشاهدها.
الخلاصة هنا، أن الذكاء الاصطناعي، ليس مجرد أداة مباهاة، بل هو ركن ثابت من أركان العمل في المستقبل القريب، وإن لم نتقدم خطوة ونتبنى أدواته في وقت مبكر، فسوف نخسر الكثير، خاصة في ظل الدعم المالي الكبير والدعم التنظيمي، يمكننا أن نكون في طليعة دول العالم في هذا المجال ويكون لدينا الريادة فيه.