|


محمد المسحل
اللاعب الموهوب واللاعب المصنوع
2025-01-24
تعتبر الرياضة من المجالات التي تجمع بين الموهبة والعمل الجاد، حيث يختلف اللاعبون في طرق وصولهم إلى القمة بين من يمتلك الموهبة الفطرية التي يولد معها، ومن يتم تأهيله وصناعته كلاعب رياضي من خلال برامج تطويرية وتدريب مكثف. وبين هذين النوعين من اللاعبين تكمن فروقات جوهرية تؤثر على أدائهم ومسيرتهم.

فاللاعب ذو الموهبة الرياضية هو ذلك الذي يمتلك قدرات رياضية استثنائية فطرية، سواء كانت هذه القدرات مهارية، بدنية، أو عقلية. ويظهر هؤلاء اللاعبون عادة منذ سن مبكرة، حيث يمكن ملاحظة تميزهم في طريقة لعبهم وفهمهم للعبة بشكل عفوي دون تدريب مكثف. على سبيل المثال، لاعب كرة القدم الموهوب قد يتمتع بقدرة طبيعية على المراوغة والتحكم بالكرة، وفي سرعته في اتخاذ القرارات.

ومن خصائص اللاعب الموهوب ما يلي:
1. إبداع فطري: يمتلك رؤية وقدرة على أداء الحركات بشكل طبيعي ومميز.
2. سرعة التعلم: يتعلم المهارات بسهولة دون الحاجة إلى تعليم مكثف.
3. جاذبية جماهيرية: عادةً ما يجذب الأنظار بأدائه الممتع والمثير.
4. ذكاء رياضي: يمتلك حسًا فطريًا لاتخاذ القرارات الصحيحة في اللحظة المناسبة.

أما فيما يخص عملية «صناعة اللاعب أو الرياضي»، فهي عملية يتم فيها تطوير لاعبين مستهدفين، سواءً لتميزهم الجسماني في الطول أو البنية، أو لقلّة في العينة المتوفرة لتشكيل فريق معين، ليصبحوا لاعبين محترفين، من خلال برامج تدريبية مكثفة، تعتمد على العلوم الرياضية الحديثة في التغذية واللياقة البدنية وتحليل الأداء والتوجيه النفسي، وغير ذلك. وبالرغم من أن هؤلاء اللاعبون قد لا يمتلكون موهبة فطرية كبيرة، ولكنهم عادةً ما يقللون الفارق ويعوضون النقص ولو جزئيًا، من خلال العمل الجاد والانضباط والتدريب المستمر.

ومن خصائص اللاعب أو الرياضي المصنَّع «أو المصنوعة صناعةً»:
1. انضباط عالٍ: يعتمد على الالتزام بخطط تدريبية وغذائية محددة.
2. تطوير مستمر: يتم تدريبه على المهارات الأساسية والمتقدمة بشكل علمي.
3. ميزة وقوة بدنية وذهنية: يطور قدراته البدنية والنفسية ويستغل تميز العامل البدني «مثل الطول» ليصبح قادرًا على المنافسة.
4. تحليل الأداء: يعتمد على الأجهزة والتقنيات لتحسين مستواه.

الفروق الأساسية بين النوعين:
1. البداية:
• اللاعب الموهوب: يظهر أداؤه بشكل طبيعي منذ الصغر.
• اللاعب المصنَّع: يحتاج إلى سنوات من التدريب المكثف لتطوير أدائه.
2. الاعتماد على التدريب:
• اللاعب الموهوب: أقل اعتمادًا على التدريب المكثف، مهاراته الفطرية تقوده.
• اللاعب المصنَّع: يتطلب تدريبًا يوميًا لصقل مهاراته ورفع كفاءته.
3. الإبداع مقابل النظام:
• اللاعب الموهوب: يتميز بالإبداع والعفوية في اللعب.
• اللاعب المصنَّع: يعتمد بشكل كبير على الأنظمة والتكتيكات المحددة.
4. التحديات النفسية:
• اللاعب الموهوب: قد يواجه صعوبة في الحفاظ على مستواه إذا لم يكن منضبطًا.
• اللاعب المصنَّع: يعتمد على صلابته النفسية وقدرته على التكيف مع الضغوط.

التكامل بين الموهبة والصناعة:

على الرغم من الفروقات، فإن الموهبة لوحدها ليست كافية لتحقيق النجاح الكبير في عالم الرياضة، كما أن الصناعة دون أساس قوي من الموهبة قد تصل إلى حد معين من النجاح فقط. اللاعب المثالي هو الذي يجمع بين الموهبة الفطرية والانضباط التدريبي. وأمثلة على ذلك، العديد من اللاعبين العالميين مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، حيث جمع الأول بين الموهبة الفطرية والالتزام، بينما صنع الآخر مسيرته من خلال العمل الجاد والانضباط. ونرى أيضًا في بعض منتخبات كرة القدم الآسيوية، كيف يعتمدون على صناعة اللاعبين «وخصوصًا لاعبي خط الظهر» من خلال اختيار لاعبين صغار ذوي بنى جسدية طويلة، والعمل على صناعتهم ليكونوا لاعبي دفاع مميزين، وهناك أمثلة أخرى عديدة.

على أية حال، الفرق بين اللاعب الموهوب والمصنَّع يظهر بوضوح في طرق الوصول إلى النجاح، ولكن كلا النوعين يمكن أن يحقق إنجازات كبيرة إذا توفرت البيئة الداعمة والتدريب المناسب. الرياضة اليوم تتطلب مزيجًا من الموهبة الفطرية والتطوير المستمر، مما يساعد على سد بعض الفراغات الفنية التي تتطلب وجود النوعين. وبالتالي يجعل من الرياضة مجالًا واسعًا للتحدي والإبداع.