|


أحمد السويلم
تصريحات الأخدود والشباب.. ولجنة الاستدامة المالية
2025-02-01
ما زال الضجيج في فترات التسجيل الصيفية والشتوية هو الحدث الأهم كل عام، وأصبحت الأندية تدفع ثمن سوء اختياراتها بالرغبة بالتغيير، باعتقادها أن استبدال لاعب جديد سيحقق لهم الدوري أو حتى مركزًا متقدمًا، أتفهم أن تضيف بالشتاء صفقة واحدة، أو تعالج مشكلة نتيجة إصابة أو خلاف، لكن ـ وهذا يحز بالخاطر ـ أن نرى هذا الهدر المالي الكبير والمستفز أحيانًا بدفع رواتب لاعبين حتى ينتقلون لدوريات أخرى أو توقيع مخالصات غير عادلة، دون أن يكون لذلك تأثير حقيقي على جودة الأداء الفني والجماهيري لدورينا.
لذلك هذه المرة أنا أميل لدور المشرّع الرياضي في هذا الموضوع، الذي يهدف ويسعى لسن أنظمة وتشريعات تهدف إلى حماية الأندية والقطاع ككل، فشراء عقود اللاعبين وإعاراتهم أمر معقد جدًّا جدًّا ولا يضاهيه أي عقد تجاري أو حتى وظيفي آخر، وأنا أدعوك هنا للبحث «لا سيما في منصة إكس»، عن قضية المحترف البرازيلي بفريق النصر «جوليانو»، والبرازيلي الآخر بفريق الأهلي «دي سوزا»، للاطلاع على تفاصيل العقود وتداخلاتها، التي بلغت خسارتها على الناديين في هذين اللاعبين فقط نحو «50 مليون ريال»، أما لو كان معك وقت أطول للقراءة والبحث، اطّلع على عقد الجزائري «سفير تايدر» مع نادي العين في الباحة، تأمل كيف تضيع الأندية حقوقها، وكيف تدخل في دوامة الديون بعشرات الملايين، دون تقديم إضافة فنية، بل والأكثر من ذلك أن عرَّابي مثل هذه الانتقالات الخاسرة يتم تقديمهم كأبطال.
في كل فترة تسجيل تتعرض إدارات الأندية لضغوطات كبيرة، لا سيما مع عصر الشبكات الاجتماعية وثقافة «الهاشتاقات»، وللأسف كثير منها يلبي الطلبات لإرضاء الجماهير والبحث عن البطولات «الإعلامية»، حتى ولو تعارضت مع الوضع المادي المالي، وتحديدًا للرؤساء الذين قد «يبيتون النية» بالخروج خلال عام أو عامين، فيغادرون كالأبطال، تاركين من يخلفهم سداد هذه الديون ولو أدت لهبوط الفريق.. والأخيرة تكررت ولا تخفى أحوالها على القارئ.
لذلك يأتي التشديد في مسألة منح شهادة الكفاءة أو غيرها، حتى تتم السيطرة على موضوع العقود قدر الإمكان، والهدف ليس عرقلة الأندية وإبعادها عن المنافسات بل حمايتها من براثن «الديون» التي لا تنتهي، والتي ساهمت كثيرًا بتراجعنا على كل الأصعدة، إضافة إلى تحسين أدائها المالي والتحقق من وجود إيرادات توازي المصروفات، حتى تضمن استدامة العمل وعدم الاعتماد على دعمٍ من هنا أو هناك، لكن السؤال ـ والذي سبب الأزمة في وجهة نظري ـ، هو آلية التواصل بين الأطراف لدرجة أن رئيس نادي الشباب طلب أن يكون الرد عبر «الواتساب».. وهذه «جديدة» كما يقولون في عصر عمل محترف تحكمه أنظمة.
لذلك إشراك الشارع الرياضي «إعلامًا وجماهير»، في مثل هذه التحديات سيساهم في تفهم هذا التحدي، كأن يكون للجنة الاستدامة المالية على سبيل المثال للحصر، متحدث رسمي يشرح ويتداخل ويظهر في البرامج الرياضية حتى ولو لم يتحدث عن الحالات بتفصيلها، لكن يكون له دور تثقيفي وتوضيحي خاصة ـ وحسبما فهمت ـ بأن لجنة الاستدامة مرتبطة فقط بالأندية الحكومية، وهذا سيزيح عناء الضغط الجماهيري لا سيما من الأندية الأربعة الأكثر ضجيجًا، هذا الدور الذي ستظهره اللجنة من الممكن أن يساهم في الحدث من الانتقادات الدائرة والضغوط التي تمارسها الأندية ـ والتي قد تكون مرتبة بينهم كوسيلة ضغط ـ، ويساهم أكثر في أن تكون الرؤية أكثر وضوحًا لدى الإعلام ولدى المتلقي أيضًا.
أخيرًا.. يجب أن نتفهم المرحلة الانتقالية التي تشهدها الأندية بالانتقال من مظلة الإشراف الحكومي إلى الملكية الخاص، وضرورة أن يصاحب ذلك تهيئة الاندية ماليًّا من خلال الحصر والتدقيق بما في ذلك عقود اللاعبين، وأن نقلل من نظرتنا العاطفية تجاه التصريحات الرنانة، كما أن على اللجنة أن تقترب أكثر من الأندية والظهور بشكل أكثر وضوحًا وشفافية.