|


أحمد الحامد⁩
ناصر الصالح.. الأسطورة لا ترحل
2025-02-03
هناك راحل يسبب رحيله مشكلة في إدراكك، لأنك تعودت على وجوده، صنعت ذكرياتك معه، فأصبح جزءًا من يومياتك، ثم وفي لحظة يغيب عن حياتك للأبد. تعودت على ألحان ناصر الصالح.. تشرّبتها، حتى أصبح واحدًا ممن شاركوا في تشكيل ذكرياتي دون اتصال شخصي مباشر معه، سوى ألحانه التي كانت تنافس بعضها. هذا ما فعله معنا نحن جمهوره، وهو نفس ما فعله بليغ حميدي، عندما جعلنا نعتقد أنه واحد منا، نعرفه ويعرفنا كما الأصدقاء المقربين. أكثر من مرة أعجبني لحن أغنية، وكنت أخمّن أنه لناصر، كان دائمًا يترك روحه في أعماله، ولم يخطئ تخميني. عجيبة موهبته.. عبقرية. من نجاحات ألحان ناصر الصالح الأولى في التسعينيات الميلادية وهو من نجاح إلى آخر، لم يكن لونًا تملّه الناس، أو موضة يتجاوزها الوقت، كان مخزونًا فنيًا ساحرًا يتجدد مع الوقت. التشابه بين ناصر الصالح وبليغ حمدي ليس في عدد الألحان الناجحة، بل في كونهما صنّاع نجوم، صنع ناصر العديد من النجوم في تعاونه الأول معهم، بعضهم سبق له الغناء دون تحقيق نجاح واضح، حتى جاء ناصر وصنع لهم المنعطف في مسيرتهم الفنية. لم تغيّره النجوميه والشهرة، ولا الجوائز والثناء. بقي الإنسان الودود والخلوق والعفوي والكريم، محتفظًا بخفة دمه حتى في أوقات التعب. كان صاحب رأي فني مهم، لأنه مفكر موسيقي، وشجاعًا في الدفاع عن آرائه. ولا أذكر مرة أجريت فيها لقاءً إذاعيًا معه، أو التقيته، ولم أحبه أكثر. قبل حوالي 5 سنوات كتبت مقالًا عن ناصر الصالح، وفي المساء جاءني صوته عبر الهاتف، ما إن بدأ بكلمات الشكر حتى أوقفته عن المتابعة، قلت له أنا من يشكرك لأني مدين لك، وسعيد جدًا أني أعيش الزمن الفني الذي أنت فيه. عادة الدنيا أنها لا تغيّر عادتها.. تحمل في ساعتها لحظة للفراق. ناصر الصالح رحل، لكنه رحل والناس تحبه كشخص طيب ودود وشهم، وتحبه كموسيقي كبير، تاركًا إرثًا موسيقيًا متفردًا للأجيال.