انطلق مثل السهم من الطرف، بعد أن استلم الكرة وراوغ نحو 4 لاعبين دفعة واحدة، قبل أن يسدد في الشباك، محرزًا أحد أجمل أهداف الدوري الروماني حينها، لتبدأ المقارنات سريعًا بينه وبين نجوم الكرة في رومانيا والعالم، لدرجة أن أطلق عليه البعض لقب «ميسي رومانيا»، بعد تلك المباراة تحديدًا التي جمعت فريق فارول بكلينسيني، سبتمبر 2021، ليصبح إنيس سالي منذ تلك اللحظة حديث الجماهير في بلاد البلقان.
الأرجنتيني ليونيل ميسي كان قدوة ومثلًا أعلى للروماني الصغير إنيس سالي، إلا أنه لم يكن كذلك فقط، بل سنحت له الظروف أن يقابله ويتدرب معه في برشلونة خلال أعوام سابقة.
وعلى الرغم من أنه ولد في تورنتو الكندية، إلا أن كشافي نادي برشلونة في أمريكا الشمالية التقطوه سريعًا، بسبب موهبته ومهارته الكبيرة، لذلك عندما تخطى العاشرة من عمره، سافر الصغير الروماني إلى إقليم كاتلونيا، ودخل في تدريبات الناشئين بأكاديمية «لا ماسيا»، ليحصل على إعجاب الجميع داخل النادي، وينضم رسميًا لفريق المواهب الصغيرة عام 2017.
يتذكر سالي ما حدث معه في برشلونة خلال مقابل سابقة، حين قال: «علمني ميسي وأندريس إنييستا أشياء كثيرة. أخبروني أن أثق في نفسي». لقد حظي الروماني بفرصة رؤية ميسي والتعلم منه عن قرب، إلا أن ظرفًا طارئًا وغير متوقف منعه من مواصلة الحلم.
وفي عام 2018، واجه نادي برشلونة صعوبات كبيرة في التوقيع مع اللاعبين الصغار، بسبب قوانين وقواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم التي تمنع الأندية من ضم اللاعبين أصحاب العمر الصغير، خاصة عندما يأتون من بلدان أخرى.
حاول مسؤولو برشلونة إقناع اللاعب وأسرته بالصبر، للتغلب على الإجراءات البيروقراطية التي توقف التوقيع الرسمي، لكن الأمر أصبح طويلًا بسبب صرامة «فيفا» بشأن انتقالات اللاعبين القاصرين، لتقرر أسرة اللاعب عودته إلى كندا، حيث ولد وعاش طفولته.
لقد اتخذت أسرته القرار بالعودة إلى تورنتو. وفي كندا ربما تعلم إنيس سالي رياضة أخرى، أو ابتعد تمامًا عن كرة القدم، التي لم تكن تتمتع بشعبية كبيرة، خلافًا لما يحدث في إسبانيا ورومانيا وبقية دول أوروبا، إلا أن نصيحة مهمة ساهمت في تغيير حياة إنيس بالكامل.
جورجي هاجي، أسطورة رومانيا، الملقب بـ «مارادونا البلقان»، أحد أعظم اللاعبين الذين لعبوا لبرشلونة وريال مدريد وأندية أخرى، وقاد منتخب بلاده في بطولة كأس العالم 1994، ليحصل على شهرة إضافية بين مشجعي ومحبي اللعبة.
ذهب هاجي إلى أسرة إنيس سالي، عقد اجتماعًا طويلًا مع العائلة بالكامل، حتى يحاول إقناعهم بعدم العودة إلى كندا والبقاء في أوروبا، خاصة بعد مشاهدته مستوى اللاعب الصغير، وإعجابه الشديد بموهبته ومهاراته وقدرته على التلاعب بمنافسيه وحصومه.
قرر جورجي هاجي تقديم عرض لا يُرفض إلى أسرة إنيس سالي، إذ أراد الأسطورة تبني موهبة اللاعب الصغير، بأن يضمه إلى أكاديميته الكروية في رومانيا، والمختصة في الاعتناء باللاعبين الشباب وتنمية قدراتهم البدنية والكروية والفنية وحتى النفسية.
ونجحت مهمة هاجي، إذ كانت رغبة عائلة سالي العودة إلى أمريكا الشمالية، إلا أنها غيرت رأيها بعد نصيحة الأسطورة، ليعود الجميع إلى العاصمة بوخارست، وينضم إنيس رسميًا إلى أكاديمية جورجي هاجي، ليقدم نفسها بعدها كأحد أفضل المواهب داخلها.
وبسبب تألقه اللافت في الأكاديمية، انضم إنيس سالي رسميًا إلى فريق فارول كونستانتا في 9 أغسطس 2021، قبل أن يصبح في 13 سبتمبر من ذلك العام، أصغر لاعب يسجل في الدوري بعمر 15 عامًا وستة أشهر و21 يومًا.
وخلال العام ذاته، أطلقت صحيفة «جارديان» البريطانية قائمة بأفضل الأسماء الشابة حول العالم، مواليد 2006، ليوجد إنيس سالي ضمنها بجدارة، قبل أن يواصل مسيرته ليرتدي قميص فارول في 50 مباراة، ويسجل 4 أهداف مع الفريق، قبل الانتقال إلى فريق دالاس الأمريكي.
ونتيجة موهبته الكبيرة ومستقبله الكروي المُبهر، حصل فريق الرياض على فرصة ضم إنيس سالي على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم الجاري، إذ سيكون أحد تلامذة «مدرسة الوسطى»، ليحصل النجم الروماني الصغير على فرصة إظهار مهارته في دوري روشن السعودي خلال الفترة المقبلة.