لطالما كانت كرة القدم الرياضة الأكثر شعبية في المملكة العربية السعودية، وتحظى باستثمارات ضخمة على مستوى الأندية والمنتخبات الوطنية. ومع ذلك، كانت الرياضة السعودية في الثمانينات والتسعينات الميلادية أكثر تنوعًا، حيث شهدت منافسات الألعاب المختلفة زخمًا كبيرًا، سواء من حيث الشعبية الجماهيرية أو الإنجازات الإقليمية. ومع تراجع مستوى هذه الرياضات، بدليل انخفاض نتائج المنتخبات السعودية في البطولات الخليجية والعربية خلال السنوات العشر الأخيرة، أصبح من الضروري إعادة إحياء زخم هذه الألعاب لتحقيق النجاحات الأولمبية والآسيوية وتعزيز الرياضة كصناعة وطنية تحقق نتائج مستدامة. غير أن تحقيق هذا الهدف لا يعتمد فقط على تطوير اللاعبين، بل يحتاج إلى بيئة رياضية حاضنة تدعم نمو الألعاب وتزيد من حدة التنافس فيها، مما يساهم في تطوير المستويات الفنية للاعبين والأندية والمنتخبات الوطنية.
1. الألعاب المختلفة في الثمانينات والتسعينات: زخم جماهيري وإنجازات مشرفة.
في تلك الحقبة، لم تكن كرة القدم وحدها تستحوذ على الاهتمام، بل كانت هناك ألعاب تحظى بجماهيرية كبيرة وتحقق إنجازات محلية ودولية. ومن أبرز هذه الألعاب:
• كرة اليد التي شهدت تنافسًا محليًا قويًا بين فرق مثل نادي الخليج، نادي النور، نادي مضر، النادي الأهلي، نادي الهلال، حيث كانت تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة، ما زاد من قوة المنافسة.
• كرة السلة التي كانت تحتل مكانة بارزة، خاصةً في المدينة المنورة من خلال نادي أحد ونادي الأنصار، حيث كانا من أقوى الفرق في المنطقة الخليجية وحققا إنجازات كبيرة.
• الكرة الطائرة التي ازدهرت من خلال فرق مثل الهلال، الأهلي، القادسية، الاتفاق، وشهدت منافسة محلية ودولية قوية.
• المبارزة وألعاب القوى التي قدمت أبطالًا سعوديين نافسوا بقوة في البطولات الخليجية والعربية.
• الألعاب القتالية مثل التايكوندو والجودو والكاراتيه والمصارعة التي حققت إنجازات آسيوية ودولية، لكنها لم تحظَ بالدعم الكافي للاستمرار بالمنحى التصاعدي الذي من شأنه أن ينتج لنا نخب رياضية تحصد البطولات الدولية والميداليات الاولمبية.
ومع مرور الوقت، تراجع الاهتمام بهذه الرياضات، واختفت من المشهد الرياضي في العديد من الأندية التي كانت تعد مركزًا لتطورها، مثل أحد، الأنصار، الخليج، النور، مضر، العربي، الاتفاق، القادسية، وأندية أخرى عديدة.
2. دور البيئة الحاضنة في ازدهار الرياضات المختلفة
إن أي رياضة لا يمكن أن تزدهر بدون وجود بيئة رياضية حاضنة تشمل عدة عناصر ضرورية، مثل:
• قاعدة جماهيرية نشطة تزيد من مستوى المنافسة بين اللاعبين والأندية.
• بنية تحتية متكاملة تشمل ملاعب وصالات تدريب حديثة، مما يسهل على الأندية تطوير مواهبها.
• رعاية ودعم مالي مستدام يضمن استمرار نمو هذه الرياضات، بدلاً من الاعتماد على مبادرات فردية. مع دعم وصقل المدربين الوطنيين.
• برامج تطوير الناشئين لاستقطاب الأطفال والشباب منذ سن مبكرة، وضمان استمرارية تدفق المواهب.
• دوري تنافسي قوي يجعل كل موسم رياضي فرصة لتطوير اللاعبين وإعدادهم للمنافسات الإقليمية والدولية.
في الماضي، كان وجود جمهور كبير لهذه الألعاب في السعودية جزءًا من نجاحها، حيث ساهم الحضور الجماهيري والمنافسات القوية في رفع مستوى الفرق والمنتخبات. اليوم، من الضروري إعادة بناء هذه البيئة الرياضية ليس فقط لإحياء هذه الألعاب، بل لضمان استدامة نجاحها.
3. أهمية تنويع الرياضات وفق تضاريس المملكة
تتميز السعودية بتضاريس متنوعة تشمل الجبال، الصحاري، السهول، البحار، والشواطئ، مما يتيح فرصًا كبيرة لنشر الرياضات التي تتناسب مع هذه البيئة، مثل:
• رياضات تسلق الجبال والماراثونات في المناطق الجبلية مثل عسير والطائف.
• الرياضات الصحراوية مثل سباقات الرمال والدراجات الصحراوية في مناطق مثل الربع الخالي ونفود الدهناء.
• الرياضات البحرية مثل الإبحار، التجديف، وركوب الأمواج في المدن الساحلية مثل جدة، ينبع، والخبر.
• رياضة الدراجات الهوائية في المناطق المفتوحة والطرق الجبلية.
• رياضة الجولف التي يمكن أن تنمو في المناطق الصحراوية بطريقة صديقة للبيئة.
4. أهمية نشر التنس وتنس الطاولة كرياضات فردية ذات فرص أولمبية
بالإضافة إلى الألعاب التقليدية، هناك ألعاب فردية مثل التنس وتنس الطاولة التي تمتلك فرصًا كبيرة للنمو وتحقيق نتائج مشرفة على المستوى الأولمبي.
• التنس هو رياضة عالمية بدأت السعودية تهتم بها من خلال استضافة بطولات كبرى، مما يعزز الحاجة إلى تطوير المواهب محليًا.
• تنس الطاولة هو أحد أكثر الرياضات الأولمبية التي توفر فرصة لتحقيق ميداليات، نظرًا لاعتمادها على المهارة الفردية أكثر من القوة البدنية، مما يجعلها رياضة مثالية للاستثمار فيها.
5. الفارق في التكلفة المالية بين كرة القدم والألعاب الفردية
• كرة القدم تحتاج إلى مئات الملايين من الريالات سنويًا من عقود اللاعبين، البنية التحتية، والأجهزة الفنية، وهذا طبيعي ومتوقع.
• ولكن في المقابل، يمكن إعداد بطل أولمبي في التايكوندو، السباحة، أو تنس الطاولة مثلاً، بتكلفة أقل بكثير، لا تتجاوز بضعة ملايين سنويًا.
• العائد على الاستثمار الرياضي في الألعاب الفردية أعلى، حيث يمكن تحقيق ميدالية ذهبية في رياضة مثل المبارزة أو التايكوندو بميزانية محدودة، مقارنةً بكرة القدم التي قد تتطلب استثمارات ضخمة دون ضمان تحقيق إنجاز عالمي.
6. كيف يمكن استعادة مكانة الألعاب المختلفة؟
لكي تعود الألعاب المختلفة إلى سابق عهدها، يجب اتخاذ خطوات عملية، منها:
1. إعادة دعم الأندية التي كانت مراكز قوة لهذه الرياضات مثل أحد، الأنصار، الخليج، النور، مضر، القادسية، الاتفاق، الأهلي، والهلال «وأعني بالدعم، دعم الرياضة وبيئتها الحاضنة بشكل مباشر».
2. إطلاق أكاديميات متخصصة في الألعاب الفردية والجماعية ذات الفرص الأولمبية العالية.
3. تقديم الحوافز للأندية التي تعيد تنشيط فرقها في الألعاب المختلفة من خلال دعم مالي ورعاية خاصة.
4. زيادة التغطية الإعلامية والتسويق لهذه الرياضات لزيادة اهتمام الجماهير والمتابعين.
5. تطوير برامج مدرسية وجامعية تركز على تنمية الألعاب المختلفة وربطها بالمنافسات المحلية والدولية.
6. تحفيز القطاع الخاص لرعاية بطولات محلية للألعاب المختلفة، مما يزيد من المنافسة ويشجع اللاعبين.
الخاتمة
لقد شهدت المملكة في الماضي ازدهارًا رياضيًا واسعًا في مختلف الألعاب قبل أن يتراجع الاهتمام بها لصالح كرة القدم، مما أثر على مستوى الإنجازات السعودية في المحافل الدولية. ومع تراجع نتائج المنتخبات في البطولات الخليجية والعربية، بات من الضروري إعادة بناء بيئة رياضية حاضنة تدعم تطور هذه الألعاب، والاستفادة من التضاريس الفريدة للمملكة لتعزيز رياضات مثل التنس، تنس الطاولة، الرياضات الصحراوية والبحرية، وألعاب القوى.
إن إعادة تنشيط هذه الرياضات ليس مجرد مسألة رياضية، بل هو استثمار مستدام يحقق إنجازات عالمية بتكلفة أقل وعائد أعلى، وهو ما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 الطموحة، وهذه الرؤيا تحتاج لرجال متخصصين، يدركون جيداً أهمية هذا المشروع للوطن والمواطن، ويفهمون جيّداً، أن نجاح المشاريع الرياضية، هو نتاج عمل تراكمي، تظهر نتائجه بعد 7 ـ 10 سنوات من العمل المضني، وبالتالي، إن كان العمل الحالي خاطئًا، فهذا يعني أن حساب تلك السبع أو العشر سنوات لم يبدأ بعد.
1. الألعاب المختلفة في الثمانينات والتسعينات: زخم جماهيري وإنجازات مشرفة.
في تلك الحقبة، لم تكن كرة القدم وحدها تستحوذ على الاهتمام، بل كانت هناك ألعاب تحظى بجماهيرية كبيرة وتحقق إنجازات محلية ودولية. ومن أبرز هذه الألعاب:
• كرة اليد التي شهدت تنافسًا محليًا قويًا بين فرق مثل نادي الخليج، نادي النور، نادي مضر، النادي الأهلي، نادي الهلال، حيث كانت تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة، ما زاد من قوة المنافسة.
• كرة السلة التي كانت تحتل مكانة بارزة، خاصةً في المدينة المنورة من خلال نادي أحد ونادي الأنصار، حيث كانا من أقوى الفرق في المنطقة الخليجية وحققا إنجازات كبيرة.
• الكرة الطائرة التي ازدهرت من خلال فرق مثل الهلال، الأهلي، القادسية، الاتفاق، وشهدت منافسة محلية ودولية قوية.
• المبارزة وألعاب القوى التي قدمت أبطالًا سعوديين نافسوا بقوة في البطولات الخليجية والعربية.
• الألعاب القتالية مثل التايكوندو والجودو والكاراتيه والمصارعة التي حققت إنجازات آسيوية ودولية، لكنها لم تحظَ بالدعم الكافي للاستمرار بالمنحى التصاعدي الذي من شأنه أن ينتج لنا نخب رياضية تحصد البطولات الدولية والميداليات الاولمبية.
ومع مرور الوقت، تراجع الاهتمام بهذه الرياضات، واختفت من المشهد الرياضي في العديد من الأندية التي كانت تعد مركزًا لتطورها، مثل أحد، الأنصار، الخليج، النور، مضر، العربي، الاتفاق، القادسية، وأندية أخرى عديدة.
2. دور البيئة الحاضنة في ازدهار الرياضات المختلفة
إن أي رياضة لا يمكن أن تزدهر بدون وجود بيئة رياضية حاضنة تشمل عدة عناصر ضرورية، مثل:
• قاعدة جماهيرية نشطة تزيد من مستوى المنافسة بين اللاعبين والأندية.
• بنية تحتية متكاملة تشمل ملاعب وصالات تدريب حديثة، مما يسهل على الأندية تطوير مواهبها.
• رعاية ودعم مالي مستدام يضمن استمرار نمو هذه الرياضات، بدلاً من الاعتماد على مبادرات فردية. مع دعم وصقل المدربين الوطنيين.
• برامج تطوير الناشئين لاستقطاب الأطفال والشباب منذ سن مبكرة، وضمان استمرارية تدفق المواهب.
• دوري تنافسي قوي يجعل كل موسم رياضي فرصة لتطوير اللاعبين وإعدادهم للمنافسات الإقليمية والدولية.
في الماضي، كان وجود جمهور كبير لهذه الألعاب في السعودية جزءًا من نجاحها، حيث ساهم الحضور الجماهيري والمنافسات القوية في رفع مستوى الفرق والمنتخبات. اليوم، من الضروري إعادة بناء هذه البيئة الرياضية ليس فقط لإحياء هذه الألعاب، بل لضمان استدامة نجاحها.
3. أهمية تنويع الرياضات وفق تضاريس المملكة
تتميز السعودية بتضاريس متنوعة تشمل الجبال، الصحاري، السهول، البحار، والشواطئ، مما يتيح فرصًا كبيرة لنشر الرياضات التي تتناسب مع هذه البيئة، مثل:
• رياضات تسلق الجبال والماراثونات في المناطق الجبلية مثل عسير والطائف.
• الرياضات الصحراوية مثل سباقات الرمال والدراجات الصحراوية في مناطق مثل الربع الخالي ونفود الدهناء.
• الرياضات البحرية مثل الإبحار، التجديف، وركوب الأمواج في المدن الساحلية مثل جدة، ينبع، والخبر.
• رياضة الدراجات الهوائية في المناطق المفتوحة والطرق الجبلية.
• رياضة الجولف التي يمكن أن تنمو في المناطق الصحراوية بطريقة صديقة للبيئة.
4. أهمية نشر التنس وتنس الطاولة كرياضات فردية ذات فرص أولمبية
بالإضافة إلى الألعاب التقليدية، هناك ألعاب فردية مثل التنس وتنس الطاولة التي تمتلك فرصًا كبيرة للنمو وتحقيق نتائج مشرفة على المستوى الأولمبي.
• التنس هو رياضة عالمية بدأت السعودية تهتم بها من خلال استضافة بطولات كبرى، مما يعزز الحاجة إلى تطوير المواهب محليًا.
• تنس الطاولة هو أحد أكثر الرياضات الأولمبية التي توفر فرصة لتحقيق ميداليات، نظرًا لاعتمادها على المهارة الفردية أكثر من القوة البدنية، مما يجعلها رياضة مثالية للاستثمار فيها.
5. الفارق في التكلفة المالية بين كرة القدم والألعاب الفردية
• كرة القدم تحتاج إلى مئات الملايين من الريالات سنويًا من عقود اللاعبين، البنية التحتية، والأجهزة الفنية، وهذا طبيعي ومتوقع.
• ولكن في المقابل، يمكن إعداد بطل أولمبي في التايكوندو، السباحة، أو تنس الطاولة مثلاً، بتكلفة أقل بكثير، لا تتجاوز بضعة ملايين سنويًا.
• العائد على الاستثمار الرياضي في الألعاب الفردية أعلى، حيث يمكن تحقيق ميدالية ذهبية في رياضة مثل المبارزة أو التايكوندو بميزانية محدودة، مقارنةً بكرة القدم التي قد تتطلب استثمارات ضخمة دون ضمان تحقيق إنجاز عالمي.
6. كيف يمكن استعادة مكانة الألعاب المختلفة؟
لكي تعود الألعاب المختلفة إلى سابق عهدها، يجب اتخاذ خطوات عملية، منها:
1. إعادة دعم الأندية التي كانت مراكز قوة لهذه الرياضات مثل أحد، الأنصار، الخليج، النور، مضر، القادسية، الاتفاق، الأهلي، والهلال «وأعني بالدعم، دعم الرياضة وبيئتها الحاضنة بشكل مباشر».
2. إطلاق أكاديميات متخصصة في الألعاب الفردية والجماعية ذات الفرص الأولمبية العالية.
3. تقديم الحوافز للأندية التي تعيد تنشيط فرقها في الألعاب المختلفة من خلال دعم مالي ورعاية خاصة.
4. زيادة التغطية الإعلامية والتسويق لهذه الرياضات لزيادة اهتمام الجماهير والمتابعين.
5. تطوير برامج مدرسية وجامعية تركز على تنمية الألعاب المختلفة وربطها بالمنافسات المحلية والدولية.
6. تحفيز القطاع الخاص لرعاية بطولات محلية للألعاب المختلفة، مما يزيد من المنافسة ويشجع اللاعبين.
الخاتمة
لقد شهدت المملكة في الماضي ازدهارًا رياضيًا واسعًا في مختلف الألعاب قبل أن يتراجع الاهتمام بها لصالح كرة القدم، مما أثر على مستوى الإنجازات السعودية في المحافل الدولية. ومع تراجع نتائج المنتخبات في البطولات الخليجية والعربية، بات من الضروري إعادة بناء بيئة رياضية حاضنة تدعم تطور هذه الألعاب، والاستفادة من التضاريس الفريدة للمملكة لتعزيز رياضات مثل التنس، تنس الطاولة، الرياضات الصحراوية والبحرية، وألعاب القوى.
إن إعادة تنشيط هذه الرياضات ليس مجرد مسألة رياضية، بل هو استثمار مستدام يحقق إنجازات عالمية بتكلفة أقل وعائد أعلى، وهو ما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 الطموحة، وهذه الرؤيا تحتاج لرجال متخصصين، يدركون جيداً أهمية هذا المشروع للوطن والمواطن، ويفهمون جيّداً، أن نجاح المشاريع الرياضية، هو نتاج عمل تراكمي، تظهر نتائجه بعد 7 ـ 10 سنوات من العمل المضني، وبالتالي، إن كان العمل الحالي خاطئًا، فهذا يعني أن حساب تلك السبع أو العشر سنوات لم يبدأ بعد.