|


محمد المسحل
لماذا تتنافس الدول على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى؟
2025-02-14
تُعد استضافة الأحداث الرياضية و«الاقتصادية» الكبرى مثل كأس العالم لكرة القدم، الألعاب الأولمبية، الألعاب الآسيوية، ومعارض إكسبو العالمية منافسة شرسة بين الدول. فالأمر لا يقتصر فقط على الرياضة، بل هو خطوة استراتيجية لتعزيز التنمية الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، والتكنولوجية، وغيرها. وللتفصيل، تسعى الدول لاستضافة هذه الأحداث لعدة أسباب رئيسية:

1. النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات
• تُسهم الاستضافة في تنشيط قطاع السياحة، الضيافة، تجارة التجزئة، وتنمية السوق العقاري.
• جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة «FDI» في مجالات البنية التحتية، التكنولوجيا، والتطوير الحضري.
• يُستخدم الحدث كأداة تسويقية عالمية لجذب الشركات والمستثمرين.

2. النفوذ السياسي والقوة الناعمة
• تُعزز الأحداث الرياضية الكبرى العلاقات الدبلوماسية الدولية للدولة المستضيفة.
• تضع الدولة المضيفة في موقع قيادي للرياضة العالمية، والثقافة، والابتكار الاقتصادي.
• تُسهم الاستضافة في تعزيز الفخر الوطني والاستقرار السياسي، ما يساعد الحكومات في كسب تأييد شعوبها.

3. تطوير الرياضة والبنية التحتية
• تُتيح الاستضافة للحكومات فرصة تطوير الملاعب، الطرق، المطارات، ووسائل النقل العام.
• تساهم الأحداث الكبرى في إنشاء مرافق رياضية متطورة تعود بالفائدة على الأجيال القادمة.
• تشجع المشاركة في الرياضة على مستوى القاعدة، مما يؤدي إلى تطوير لاعبين ومنتخبات وطنية أقوى.

4. الترويج العالمي وزيادة السياحة
• يؤدي تنظيم الحدث الرياضي «بنجاح» إلى تحسين صورة الدولة وسمعتها عالميًا.
• تشهد السياحة زيادة طويلة المدى بعد الحدث الرياضي، حيث يعود الزوار للمزيد من الفرص السياحية أو الأعمال التجارية.

5. نقل المعرفة وتطوير رأس المال البشري
• تتطلب الاستضافة تطوير الخبرات المحلية في إدارة الفعاليات، الأمن، الضيافة، واللوجستيات.
• تُحفز نقل التكنولوجيا، مما يُحسن التحول الرقمي، الاستدامة، وتخطيط المدن الذكية.
• يُمثل الحدث فرصة تعليمية للجامعات ومؤسسات البحث العلمي.

6. الإرث والتأثير طويل المدى
• تترك الأحداث المخطط لها جيدًا بنية تحتية عالمية المستوى وصناعة رياضية مستدامة.
• يُسهم الحدث في تجديد المدن، وتحسين المساكن، والمساحات العامة، وتطوير المدن الذكية.
• يُمكن أن يُؤدي إلى ظهور صناعات جديدة، مثل الرياضات الشتوية في المناطق الحارة أو تطوير الرياضات الإلكترونية.

لهذه الأسباب، تتنافس الدول بقوة لاستضافة هذه الأحداث، لأن تنفيذها بنجاح يمكن أن يُغير مكانة الدولة عالميًا، ويُعزز اقتصادها، ويُسهم في تطوير مجتمعها لسنوات طويلة.

استضافة السعودية للأحداث الكبرى: الفوائد المباشرة وغير المباشرة

نجحت المملكة العربية السعودية في الحصول على حقوق استضافة:
1. دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029 «تروجينا - نيوم».
2. إكسبو 2030 «الرياض».
3. كأس العالم لكرة القدم 2034.
4. دورة الألعاب الآسيوية 2034 «الرياض».

تتوافق هذه الاستضافات مع رؤية 2030، وهي الاستراتيجية الوطنية التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، تعزيز السياحة، ووضع المملكة كمركز عالمي للرياضة، والترفيه، والثقافة.

دور القيادة السعودية ودعم الحكومة لهذه الاستضافات

يعود نجاح المملكة في تأمين هذه الاستضافات الكبرى إلى الدعم اللامحدود والتوجيهات الحكيمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، فبقيادته:
• جعلت رؤية 2030 من استضافة الأحداث الرياضية الكبرى أولوية وطنية ضمن خطة التحول الاقتصادي والثقافي.
• قدمت الحكومة السعودية دعمًا ماليًا ولوجستيًا غير محدود لضمان تنفيذ هذه الأحداث وفق أعلى المعايير العالمية.
• كان لسمو سيدي ولي العهد تواصل مباشر مع الاتحادات الرياضية العالمية، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم «FIFA»، اللجنة الأولمبية الدولية «IOC»، ومكتب المعارض الدولية «BIE»، مما عزز مكانة المملكة كمضيف قوي ومؤثر لهذه الفعاليات.
• إعلان استراتيجي: في فبراير 2024، أصدر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان مرسومًا ملكيًا بإنشاء الهيئة العليا لكأس العالم 2034، والتي ستُشرف على جميع الجوانب المتعلقة بالتخطيط، والبنية التحتية، والتنفيذ، مما يضمن تنظيم البطولة وفق أعلى المعايير الدولية.

مهام الهيئة العليا لكأس العالم 2034:
• الإشراف على مشاريع الملاعب والبنية التحتية في جميع أنحاء المملكة.
• ضمان الاستدامة، ودمج المدن الذكية، واستخدام أحدث التقنيات في إدارة الحدث.
• التعاون المباشر مع «فيفا» والخبراء الدوليين لضمان تجربة استثنائية للجماهير.
• إدارة جميع الجوانب اللوجستية، والأمنية، والتشغيلية لضمان تنظيم الحدث على أعلى مستوى.

يُثبت إنشاء الهيئة العليا لكأس العالم 2034 قبل عقد من موعد البطولة أن السعودية ملتزمة بجدية بتنظيم كأس عالم استثنائي، والتأكد من تنفيذ كل المشروعات والخطط بدقة وابتكار واستدامة.

الفوائد الاقتصادية للمملكة من هذه الاستضافات:
• زيادة عدد السياح: تستهدف السعودية 150 مليون سائح سنويًا بحلول 2030، وستُساهم هذه الأحداث في تحقيق هذا الهدف.
• استثمارات أجنبية ضخمة: ستجذب المملكة مليارات الدولارات من الاستثمارات في الملاعب، النقل، الفنادق، وتطوير المدن الذكية.
• خلق فرص عمل ضخمة: توفير مئات الآلاف من الوظائف في مجالات البناء، الخدمات اللوجستية، إدارة الفعاليات، الأمن، والضيافة.
• نمو القطاع العقاري والتجاري: ستشهد الرياض ونيوم والعديد من المدن ذات العلاقة بتلك الاستضافات، طفرة في مشاريع البنية التحتية، مما يزيد من قيمة العقارات والاستثمارات التجارية.

بقيادة سمو سيدي ولي العهد، تُعيد المملكة تشكيل مكانتها العالمية كمركز للرياضة، والترفيه، والدبلوماسية الثقافية. يعكس إنشاء الهيئة العليا لكأس العالم 2034 التزام المملكة بتقديم بطولة عالمية لا مثيل لها، وضمان تحقيق فوائد طويلة المدى في الاقتصاد، والمجتمع، والبنية التحتية، وصناعة الرياضة.

ومن خلال الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية، وتنمية المواهب، وتعزيز الحوكمة، وتبنّي معايير الاستدامة، تسير المملكة بإذن الله بخطىً ثابتة نحو تنظيم مجموعة من أنجح الأحداث الرياضية العالمية في التاريخ الحديث.