|


أحمد الحامد⁩
سبع البرمبة!
2025-02-17
في المرة الأخيرة التي شاهدت فيها أحد الزملاء، كانت عضلاته تكاد أن تقفز من القميص الضيِّق الذي حشر نفسه فيه. سألته، ولا أدري إن كان سؤالي تهكمًا أم من دافع الغيرة، كونه «معضل»، وأنا «مكرّش»: «يعني أنت الآن صرت سبع البرمبة؟». سألني: «ما معنى سبع البرمبة. أقصد مَن هو سبع البرمبة؟». لم أكن أعرف مَن هو سبع البرمبة فقد حفظت الجملة من الأفلام المصرية، وتقال للتهكم من الشخص الذي يفشل في فعل الشيء بعد أن يدَّعي أنه قادرٌ على فعله! لم أجب صاحبنا «المعضل». قلت له: لا أعرف، لكنني سأبحث وسأجيبك. بعد البحث، وجدت أكثر من مصدرٍ، لكنْ الأكثر انتشارًا، أن البرمبة مشتقةٌ من اسمٍ لقريةٍ اسمها البرمبل، تتبع محافظة الجيزة، وعُرِفَ عن سكانها الشجاعة والإقدام في المشاجرات إذا ما وقعت، ومع الوقت، تحوَّل لفظ البرمبل إلى برمبة، أمَّا السبع فهو من أسماء الأسد.
شجَّعني البحث على مراجعة بعض الجمل والكلمات التي أردِّدها دون معرفة معناها، أو مصدرها، منها على سبيل المثال «خنفشارِ»، والكلمة لا معنى لها في اللغة، لكنْ العادة جرت على أن تقال وصفًا للأشخاص الذين يدَّعون العلم وهم بلا علمٍ، أو يقولون كلامًا لا معنى ولا قيمة له. ويقال أن للخنفشارِ، أو الخنفشاري حكايةٌ قديمةٌ، إذ كان هناك رجلٌ، يدَّعي معرفة كل شيءٍ، وعندما ملَّ أصحابه منه، اتَّفقوا على تأليف كلمةٍ لا معنى لها، ثم تحدِّيه أن يعرف معناها إن كان ضليعًا باللغة العربية. حقًّا، قام الرجلُ بتعريف الكلمة، وشرحها، وهو واثقٌ من نفسه، وقال: إن الخنفشار نبتةٌ جبليةٌ، إذا أكلت منها الإبل، كثر حليبها، والشاعر يقول: لقد عقدت محبتكم قلبي كما عقد الحليب الخنفشار. ضحك الأصدقاء على صاحبهم، ومع انتشار الحكاية، أصبحت الخنفشاري وصفًا من نصيب كل مَن يدَّعي المعرفة دون وجودها عنده. لا أدري كم مرَّةً كنت فيها خنفشاريًّا، لكنني في إحدى المرَّات، حاولت شرح معنى الفلسفة لأحدهم بعد أن سألني عن معناها، وعقب دقائقَ من الشرح، سألته: هل فهمت؟ فأجاب: كلا. قلت له: حتى أنا والله ما فهمت.