|


أحمد الحامد⁩
الأغاني.. والمغناطيس!
2025-02-19
للأغنية تأثير نفسي مباشر على المستمع، وقد تعدل المزاج، وقد تقلب السعادة إلى حزن وكآبة، خصوصًا إذا كانت أغنية عراقية. أتساءل اليوم، لماذا كنت أعذب نفسي بالاستماع للأغاني الحزينة؟، بينما كنت في أحوال جيدة، وكنت قبل الاستماع للأغنية الحزينة في حالة ممتازة لا علاقة لها بالحزن! لماذا كنت وباختياري أستبدل وقتي الجيد بالوقت الحزين؟ لماذا كنت أكرر الاستماع لموال كاظم الساهر: أريد أبكي على صدرك مشتهي النوح!!!. في إحدى المرات استمعت لأغنية «المدينة» لراشد الفارس، كلمات علي عسيري، وألحان ناصر الصالح رحمه الله، كان ذلك قبل أكثر من عشرين عامًا. الأغنية غارقة في الحزن، وحكايتها عن فراق بين حبيبين للدرجة التي شعر بها الحبيب «في الأغنية» أنه يعيش في مدينة ظالمة، لأن حبيبته تعيش في دنيا بعيدة عن المدينة التي جمعتهما سابقًا. كلمات الأغنية لم تكن تعبر عن حالتي من قريب أو بعيد، لم يكن لي حبيب بعيد، وكنت أعيش في مدينة مُبهجة، ولم تكن عندي أية مشاكل تذكر، لكني ومع تفاعلي مع الأغنية وجدت أنني أبكي، وأقف بجانب الطريق لكي أستعيد انتباهي كوني أقود سيارة! كان ذلك من تأثير الأغنية المباشر علي، خصوصًا اللحن. احتجت لسنوات طويلة لأفهم أن للأغنية سواء حزينة أو مفرحة تأثير مغناطيسي على المستمع. الآن.. لا أستمع للأغاني الغارقة في الحزن، أو حتى الحزينة بنسبة أقل، لكني أستمع لأغاني عبدالحليم لأن حزنها رومانسيًا وليس كئيبًا، كما أن النقلات الموسيقية والإيقاعات تبعدك عن الاستغراق وتلبس الحالة الحزينة في المقطع. محمد عبده وأم كلثوم كذلك. الاستماع للأغاني الغارقة في الحزن مثل الذي يشتري من حلاله علّة، أو كمن يستبدل كل مكتسباته بدقائق كئيبة، تفضي إلى ساعات من سوء المزاج الوهمي!.
تشارلز داوين: من يجرؤ على إضاعة ساعة من وقته لم يكتشف بعد قيمة الحياة.