|


أحمد الحامد⁩
قهوة وشاي.. ومزاج
2025-03-06
يقول أحد الأصدقاء إنه عندما يصحو من نومه لا يرد على أي اتصال، ويتجنب أي محادثة في المنزل إلا بعدما يشرب قهوته. كان يقول ذلك من باب أنه «راعي مزاج»، أو كما يقول أحبتنا في مصر «دماغه متكلّفة». ولأن العلاقة بيننا تسمح بقول ما أشاء، قلت له: لا علاقة للقهوة بتحسين المزاج وبحسن التفكير، أعرف عقلك جيدًا، هو نفسه الذي أفقدك وظيفتك أكثر من مرة، وجعلنا نبحث لك عن عمل عند أشخاص لا نفضل الحديث معهم، أنت مجرد مدمن قهوة. تُرى لو لم تُكتشف القهوة، هل كان صاحبي سيبدو بهذا المزاج الصعب كل صباح، أم سيكون بحالة معتدلة، أم سيدمن على مشروب آخر، ربما الشاي؟
أعرف أشخاصًا مدمنين على الشاي، خصوصًا بعد الوجبات الدسمة التي تتسبب بفقدان مؤقت للذاكرة، وإلى غفوة في أقرب مكان يمكن للمرء التمدد فيه. قد تكون القهوة والشاي من أكثر المفردات التي تردد في العالم، ربما تكون في الدرجة الثانية بعد المال صاحب المركز الأول. لا أملك دليلًا على أن المال هو أكثر كلمة على لسان الناس، لكن المال تحديدًا لا يحتاج إلى دليل، خصوصًا إذا أضفنا المرات التي يفكر فيها البشر بالمال.
للقهوة والشاي علاقة وثيقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وتحديدًا أثناء ما سمّاه الأمريكيون بحرب الاستقلال من البريطانيين، مع أن الاثنين حينها كانا يتحاربان على أرض يعيش عليها سكانها الأصليون، الذين عرفوا بالهنود الحمر!
كان الشاي المملوك للإنجليز هو المشروب المفضل للأمريكيين، أما القهوة فلم تكن ذات شأن، وكانت المزارع المحلية تعاني من كساد المحاصيل، ورخص ثمنها. لكن الحظ إذا جاء فإنه يختار الطريق غير المتوقع، وغير المحسوب.
في العام 1773 أصدر البرلمان البريطاني قانون الشاي، أعطى القانون شركة الهند الشرقية البريطانية حق احتكار الشاي في المستعمرات، مع فرض الحكومة البريطانية ضريبة على الشاي.
في بوسطن وفي ليلة الـ 16 ديسمبر من نفس العام، قام مجموعة من الشباب الأمريكي الغاضب باقتحام 3 سفن محملة بالشاي وألقوا حمولتها في البحر، الحادثة سميت بحفلة شاي بوسطن. والأهم أنها تعتبر أولى علامات حرب الاستقلال. حاول الإنجليز الضغط على الأمريكان برفع ثمن الشاي وجعله سلعة نادرة، وهنا حضر حظ القهوة. بدأ الأمريكان بشرب القهوة على اعتبارها منتجًا وطنيًا، واعتبار الشاي مشروبًا استعماريًا. بعد سنوات قليلة أصبحت القهوة المشروب الأول في أمريكا منذ ذاك الوقت إلى يومنا هذا، وإلى الوقت الذي أدمن فيه صديقي على شربها صباحًا.