|


قصة ملهمة.. العلا من وادي القرى إلى حلم آسيا

فريق العلا الأول لكرة القدم خلال الثمانيات عند تأسيسه (الموقع الرسمي - نادي العلا)
مكة المكرمة ـ عبد الغني عوض 2025.03.18 | 11:49 pm

لكل نادٍ سعودي قصة تستحق أن تروى.. قصة النشأة.. البدايات المستحيلة.. الصعوبات والعوائق والتحديات.. الأحلام البعيدة.. الوجوه الطموحة.. مسارات تتلاقى في نقطة واحدة بحثًا عن حضور لا يتخطاه الزمن.. بالتفاصيل ذاتها يمكن النظر إلى تجربة نادي العُلا الذي ربما يكون في القريب المنظور أسطورة حية تشبه حكايات «ألف ليلة وليلة».. في عام 1981 أصبح لأهالي العلا ناديًا كرويًا تقصده قلوبهم المحبة للعبة الأولى في هذا العالم.. قبل هذا التاريخ بأعوام عديدة، كانت المدينة ذات الأهمية التاريخية على وجه الارض تشهد تنافسًا كرويًا خجولًا بين أحيائها الشمالية والجنوبية.. في أحدهما فريق وصم نفسه بالمدائن نسبة إلى مدائن صالح التي تمثل الماضي المتشبث بملايين الأيام الخوالي في هذه البقعة من الكوكب المكتظ بخليط لا ينتهي من الأحداث والغرائب والمستجدات.. في الضفة الأخرى من المدينة، هناك أحياء متقاربة يفعل شبابها وأبناؤها الشيء ذاته، فسموا فريقهم العلا.. تمر السحائب متعجلة وتتحرك دورة الحياة فيجتمع الضدان ويتفقان على تأسيس نادٍ يحتضن كل أبناء المدينة.. اتفاقيات سريعة ترأب كل صدع وتقرب كل وجهة نظر منفلتة.. أهم ما اتفق عليه المختلفون هو إطلاق اسم وادي القرى على الوليد الجديد، تيمنًا بأشهر الأودية في المنطقة.. بعد أعوام أخرى عادوا واتفقوا بعد أن أصبح ناديهم في السجلات الرسمية على تسميته بالعلا ليحمل بذلك اسم مدينتهم، وأحلامهم ومستقبلهم.. عاش نادي العلا نحو 40 عامًا في الظل مبتعدًا عن أي إنجاز يمكن النظر إليه بعين التباهي.. أسماء كثيرة يمكن تناولها في عداد المؤثرين في خطوات البداية.
أحمد النجدي الرئيس التنفيذي السابق وابن أبرز مؤسسي نادي العلا صالح النجدي يتذكر شيئًا من ملامح البدايات ويقول: «والدي صالح النجدي هو أول مدرب في تاريخ نادي العلا موسم 1400 وكان يعمل دون مقابل، وأسس إلى جانب تدريبه لفريق كرة القدم فريق السلة ودرّب فريق الطائرة، وسرت على خطى والدي وتطوعت لخدمة النادي، فهذا النادي جزء من حياتنا وأتشرف بخدمته حتى لو كنت جامعًا للكرات خلف باب المرمى.. تدرجت في مناصب عديدة في النادي بداية من لاعب في فريق الطائرة، مرورًا بإدارة كرة القدم حتى أصبحت رئيسًا تنفيذيًا للنادي لمدة عام ونصف العام لحين خصخصة النادي للهيئة الملكية التي أشرفت على النادي في البداية لمدة عام، ثم سرعان ما طلبت تخصيص النادي رسميًا». هذه صورة عابرة من تعلق الناس بنادي مدينتهم.. تسعة رؤساء تعاقبوا على تولي قيادة العلا أولهم موسى عبد الواحد في أيام التأسيس الأولى.



عام 2023 لم يكن عامًا عاديًا في تاريخ كرة القدم السعودية، ولا عاديًا في تاريخ العلا.. بدأت تلوح في الأفق تباشير المجد.. ملكية النادي تنتقل إلى الهيئة الملكية بمحافظة العلا.. سرعان ما تحول النادي وكل شيء فيه إلى محطة حيوية ترسم مخططات المستقبل في كل الاتجاهات.. الاستثمار والتسويق وبناء فريق كروي ينافس محليًا وإقليميًا.. هي الطموحات الكبيرة التي ليس لها حدود.



بعد عام واحد فقط يعبر العلا الدرجة الثالثة باتجاه الثانية.. موسم واحد فقط مكثه هناك مسجلًا نتائج باهرة وصل بواسطتها العام الجاري إلى الدرجة الأولى.. كل المؤشرات تقول إنه لن يطيل البقاء في هذا المكان.. هو موسم وحيد وسيتخطى الجسر بخطى سريعة نحو دوري روشن حيث المحترفين والضوء الصاخب والتحديات المشتعلة.. حيث كرة القدم التي تستقطب الأنظار من كل بقاع العالم.. سينافس الهلال والاتحاد والنصر والأهلي وكل المعتادين على الحضور بين الكبار.. صمم مسؤولو العلا شعارًا لناديهم واتخذوا من وجه النمر العربي أيقونة تمثلهم، وهذا ما استدعى أن يطلق على لاعبيه لقب «النمور».. عبر موقعه الإلكتروني أشارت إدارة النادي الذي تربطه شراكة بصندوق النمر العربي إلى دور ومسؤولية اجتماعية لمنتسبيه لحماية هذا الكائن من الانقراض، خاصة ومحافظة العلا تضم خمس محميات طبيعية تعنى بحماية الحياة في تلك الهضاب اليافعة.. الهيئة الملكية للمحافظة هي ذاتها أعلنت قبل نحو أربعة أعوام عن إطلاق مبادرة لتأسيس الصندوق العالمي لحماية النمر العربي.. علاقة متشابكة ما بين النادي وملاكه وكذلك النمر العربي.. من هنا تتعالى الطموحات داخل الملعب وخارجه.. يستعد العلا وبخطى واثقة، وخطة طموحة إلى الذهاب بعيدًا في ملاعب كرة القدم.. أحد مشجعي النادي قال في إجابة عابرة وسريعة عن حلمه المنتظر في المنافسات: «طالما نادينا تحت مظلة الهيئة الملكية لمحافظة العلا فنحن سنحلم بتحقيق كأس آسيا».. حلم كبير وصورة واضحة!.