الرياضة الأكثر شعبية.. اليابانيون لا يختارون كرة القدم رغم نجاحاتهم

يستضيف ملعب سايتاما، الثلاثاء، ما يمكن وصفه بـ «كلاسيكو» كرة القدم الآسيوية، عندما يحلّ المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، ضيفًا على اليابان، في ثامن جولات المرحلة الثالثة من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026، فهما المنتخبان الأكثر تتويجًا بكأس آسيا، ولو أنّهما انتظرا حتى الثمانينيات لخوض غمار المعترك القاري للمرة الأولى، أي بعد تتويج المنتخب الإيراني بألقابه الثلاثة أعوام 1968 و1972 و1976، وفوز المنتخب الكوري بلقبيْه القديميْن عاميْ 1956 و1960.
وعلى الرغم من التوهّج المستمر لكرة القدم اليابانية، والنمط التصاعدي لنتائج فرقها، وتحديدًا منتخبها الأول، إلا أنّ الشعب الياباني لا يزال بعيدًا عن اختيارها في صدارة الرياضات الأكثر شعبية لديه، وهو أمرٌ قد يكون مستغربًا نظرًا لهالة كرة القدم في بلدهم، فالأندية اليابانية تُوّجت بدوري أبطال آسيا 8 مرات، والمنتخب الياباني الأول بلغ ثمن نهائي كأس العالم 4 مرات في 7 مشاركات تاريخيًا، وهزم العملاقيْن الألماني والإسباني في قطر 2022، وشارك في كأس آسيا 10 مرات حقق فيها 4 ألقاب مع ميدالية فضية، فيما وصل فريق كرة القدم الأولمبي إلى نصف نهائي الأولمبياد 3 مرات، وحقق برونزية عام 1968.
الجواب على استبعاد كرة القدم من صدارة الرياضات الأكثر شعبية في اليابان يأتي عبر استفتاءات وتقارير لصحف ومواقع هناك، والجواب دائمًا ما يكون واحدًا، وهو أن كرة القدم كانت وما زالت، وعلى الأرجح ستبقى، في ظل رياضة البيسبول، والتي تتصدر المشهد في اليابان، وبأرقام كاسحة.
ووفقًا لاستفتاء قامت به صحيفة «يوميوري شيمبون» قبل قرابة عام، وعلى مستوى الدولة اليابانية بأكملها، حصلت رياضة البيسبول على نسبة 45% في سؤال عن الرياضة الأكثر شعبية، والمفارقة أن النسبة ارتفعت من 39% في استفتاء شبيه قامت به الصحيفة نفسها عام 2023، ما يعني أن تألق «الساموراي الأزرق» في مونديال قطر أواخر العام 2022 لم يغيّر توجهات اليابانيين.
وفي رد على سؤال آخر في استفتاء للصحيفة نفسها، اختار اليابانيون شوهاي أوهتاني، لاعب البيسبول، الرياضي الأكثر شعبية في بلدهم، وبفارق شاسع جدًا عن كاورو ميتوما، لاعب كرة القدم المحترف في صفوف نادي برايتون في الدوري الإنجليزي، الذي جاء ثانيًا، علمًا أن قائمة أكثر 10 رياضيين شعبية في اليابان ضمت لاعبيْ كرة قدم فقط.
ويُبيّن استفتاء آخر، لمجموعة «ساساكاوا» الرياضية، أن الجيل الصاعد يفضّل بدوره البيسبول على كرة القدم، إذ سألت مجموعة من اليابانيين البالغين في العمر بين 12 و21 عامًا عن الرياضة المفضلة التي يشاهدونها، فاحتل دوري البيسبول الياباني المركز الأول، تلاه منتخب كرة القدم ثانيًا، فيما احتل دوري كرة القدم الياباني المركز السابع، في مركز مفاجئ، خاصة أن دوري البيسبول للمدارس تفوق عليه.
وكان موقع Statista قد نشر في شهر سبتمبر الماضي استفتاء حول الرياضة الأولى يابانيًا من ناحية المتابعة التلفزيونية، ومن ناحية الحضور الجماهيري في الملاعب، فجاءت رياضة البيسبول في الصدارة مع 32,6% من الأصوات، مقابل 23,2% لكرة القدم.
وتؤكد مصادر أخرى صدارة البيسبول للمشهد في اليابان، لكنها تزيد من متاعب كرة القدم بتفضيلها رياضة أخرى عليها، فموقع Unique Japan Tours السياحي، وفي تقرير يعود تاريخه إلى العام 2021، وضع كرة القدم في المركز الثالث خلف البيسبول والسومو، فيما جاءت كرة القدم في المركز الرابع بناء على تقرير لموقع JRPass، بعد البيسبول والسومو والألعاب الشتوية.
وتعود جذور رياضة البيسبول في اليابان إلى العام 1859، عندما مارسها مغتربون أمريكيون وبريطانيون، رفقة رياضة الكريكت، على الأراضي اليابانية، قبل أن يقدمها المعلم الأمريكي هوارس ويلسون كرياضة مدرسية عام 1872، وصولًا إلى تأسيس أول نادٍ للكبار عام 1878. ودخلت البيسبول عصر الاحتراف تدريجيًا في عشرينيات القرن الماضي، قبل أن يتم تأسيس الدوري بصيغته الاحترافية عام 1936.
ولعب التاريخ الطويل لهذه الرياضة دورًا أساسيًا في شعبيتها وتناقلها عبر الأجيال، إضافة إلى قيمة اللاعبين اليابانيين، واحترافهم وتألقهم في دوري البيسبول الأمريكي، وصولًا إلى نجاحات المنتخب الذي فاز ببطولة العالم 3 مرات آخرها في النسخة الماضية عام 2023، وحصوله على 4 ميداليات أولمبية، آخرها ذهبية طوكيو 2020، ولو أن رياضة البيسبول لم تعرف حضورًا سوى في نسخ قليلة على مستوى الألعاب الأولمبية.
