|


أحمد الحامد⁩
لقاءات فنية
2025-04-07
في أحد الأيام قلت لأحد الفنانين الشباب وكان مغنيًا وملحنًا: عليك ألا تراهن على الغناء بطبقات صوتية عالية فقط، المسألة ليست استعراضًا بقوة الصوت، الأغنية حالة فنية يطوع الفنان صوته لها، ربما تحتاج الكلمة أن تكون هامسة، ربما يجب أن تكون الأغنية بلحن هادئ. لم يهتم بما قلته، فضّل أن يمضي بما كان عليه، أغانٍ بأرتام عالية تصلح للحفلات الصاخبة! وربما كنت مخطئًا في قراءة ثقافته الفنية عندما أعتقدت أن ما قلته له سيكون مفيدًا له. منذ سنوات والفنان الذي كان شابًا وهو مبتعد عن الغناء، لأنه يرى النجاح اليوم يمر عبر الواسطة، وهو بلا واسطة حسب اعتقاده. قد تصنع الواسطة اسمًا لكنها لا تصنع فنانًا محبوبًا. كان صوته جميلًا، لكن الصوت وحده لا يكفي إن لم يصاحبه عقل ناضج. بالأمس شاهدت مقطعًا قصيرًا للقاء قديم مع الفنان الكبير وديع الصافي، قال فيه إن الفنان قد ينجح دون صوت طربي وطبقات صوتية، إذا كان لديه إحساس عالٍ وذائقة فنية تختار بعناية. إليكم إجابة وديع الصافي عندما سُئل عن صوت عبدالحليم حافظ "عبدالحليم لم يكن مطربًا كبيرًا، إنما كان فنانًا حساسًا، يشعر بالكلمة التي يغنيها، مقدراته الصوتية ضعيفة، وهذا ليس ذنبه، لكنه كان يستعمل هذا الصوت بصدق وبالأداء السليم، لهذا أحبه الناس". في لقاء تلفزيوني جديد مع الملحن اللبناني نور الملاح جاء الحديث عن جورج وسوف، ونور الملاح فعليًا هو من أطلق جورج للجميع، لأن جورج قبل نور كان يغني الأغاني الشعبية، وأنا شخصيًا لم أكن أعرف جورج قبل "حلف القمر" و"روحي يا نسمة". في اللقاء قال نور إن جورج لم يكن مقتنعًا بلحن حلف القمر، بل وبمعنى الكلمات أيضًا، وراح يتهكم على اللحن والكلمات. لكن جورج غنى الأغنية بعد ذلك مجاملة لأصحاب شركة الإنتاج، وغنى "روحي يا نسمة" للسبب نفسه، وبعد تحقيق النجاح الكبير استمر جورج الذي عرفناه. هنا كان جورج محظوظًا عندما وافق أن يضع إمكانياته الصوتية بتصرف المبدعين مثل نور الملاح، ولو أنه استمر بلونه الشعبي القديم لما كان جورج وسوف هو جورج وسوف. الموهبة تحتاج إلى عقل ذكي يديرها، أو على الأقل إلى عقل يسمح للعارفين بإدارتها.