|


أحمد الحامد⁩
أصوات.. وكلمات
2025-04-09
بعض الأصوات الغنائية تضمن نجاح النص الغنائي بمجرد غنائه، هي أجمل إعلان عن كلمات الأغنية، وأفضل موّصل للقصائد. لا أعتقد أني كنت سأحفظ مقاطع من قصيدة قارئة الفنجان لو لم يغنيها عبد الحليم، ستكون قصيدة جميلة في ديوان نزار، ربما سأمر عليها مرورًا سريعًا، لكنها لن تكون معروفة كما عرفها المستمعون في قرى وبلدات البلدان العربية، كان صوت عبد الحليم ـ كمثال ـ هو الناشر الحقيقي، الناشر الذي أوصلها لأولئك الذين لا يقرؤون. تصوروا لو لم تغنِ أم كلثوم قصيدة الأطلال لأحمد شوقي، كم نسبة الذين سيعرفون القصيدة؟ هي النسبة نفسها للقصائد التي لا يعرفها الناس، التي لم تغنها أم كلثوم لأحمد شوقي. خلدت الأغاني أسماء الشعراء، وعرفتنا عليهم، حتى أن بعضهم أصبح معروفًا من أغنية واحدة غناها فنان شهير أو فنانة شهيرة. تفعل الأغنية بالقصيدة ما لا تفعله قراءتها، اللحن والصوت يمثلان كلماتها، يزيدان من الإحساس بالكلام، يصنعان مع المستمع حالة لا تصنعها القصيدة وحدها، القصيدة المغناة تطوف مع المستمع أينما ذهب، يستحضرها متى ما أراد. تصوروا لو لم يغن طلال مداح أغنية «زمان الصمت» هل ستنجح القصيدة كما نجحت وأصبحت من كلمات الأغاني الأسطورية؟ ستكون نصًا شعريًا رائعًا، لكنها لن تحصل أبدًا على ما حصلت عليه من شهرة وإعجاب، بل لن يعرفها إلا محبو الشعر ومتذوقوه. سألت يومًا أحد الشعراء الغنائيين: لماذا لا تصدر ديوانًا مطبوعًا ؟ فأجاب: لا أفكر في نشر ديوان شعر حاليًا، ربما عندما أكبر، أما الآن فيكفيني أن يغني من أشعاري فنان شهير أغنية واحدة كل عام. لو لاحظنا أن الشعراء في أمسياتهم لا تحظى قصائدهم غير المغناة بما تحظى به القصائد المغناة من تصفيق وإعجاب من الجمهور، مع أن بعض القصائد غير المغناة التي يلقيها الشاعر تكون أفضل وأجمل من قصائده المغناة.