|


أحمد الحامد⁩
حرب الاقتصاد
2025-04-10
قبل أيام اهتزت البورصات في العالم، قيل إن تريليونات تبخرت في ساعات بعد فرض الرسوم على البضائع الداخلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومع أن الرئيس الأمريكي أوقف تنفيذ الرسوم 90 يومًا لكنه أبقاها على الصين، بل زادها أكثر حتى وصلت 125 بالمئة. أثناء ذلك قرأت أن حربًا اقتصادية عالمية بدأت أشعلها ترامب. من حق الرئيس الأمريكي أن يرى ما يناسب بلده، مثلما يفعل الرؤساء الآخرون، ترامب لا يريد من كل الرسوم الجديدة إلا الصين، لكني أعتقد أنه يكابر في التعامل مع الواقع الذي يقول إن لا مجال لإضعاف الصين، ولا في منافستها فيما بدأت فيه قبل 30 عامًا وإلى ما وصلت إليه. في البداية قيل إن الصين بقالة العالم، ثم قيل إنها سوق العالم، ثم أصبحت مصنع العالم، وإذا كانت الرسوم تضر بالبضائع الصينية فإنها تضر أيضًا البضائع الأمريكية المصنّعة في الصين، وهي ليست بالقليلة ولا ذات أهمية ضعيفة. الصين استطاعت أن تنجح في تحقيق المعادلة الرابحة: الجودة والثمن المنخفض. قوة الصين اليوم لا تكمن في كون بضائعها هي الأكثر انتشارًا واستهلاكًا في العالم، بل فيما إذا قررت الصين منع وصولها إلى بلد معين، خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية! الغرب الآن يدفع ثمن هجرة مصانعه إلى شرق آسيا، لأن حساباتهم كانت تجارية بحتة، كم ستزيد أرباحنا إن صنعنا منتجاتنا في الصين أو الهند أو بنغلادش، كانوا في ذلك يتخلون عن قيمة عالية وهي عراقة صناعاتهم المحلية، حتى تساوى المنتج الإنجليزي المصنوع في الصين مع المنتج الصيني نفسه، ثم وجد الغرب نفسه متخليًا عن الكثير من منتجاته لعدم قدرته على المنافسة. لم تعد الصين تقلّد، لقد تجاوزت التقليد فعلًا وأصبحت تبتكر، ويبدو أنها حسبت حسابات حروبًا اقتصادية قادمة، لذلك استعدت للدفاع إعلاميًا عندما صنّعت تطبيقاتها الاجتماعية، وأطلقت الإنترنت الخاص بها. الصين لا تستطيع أن تكون بديلًا للولايات المتحدة في العالم خصوصًا من الناحية الثقافية، لكنها قوة وحاجة لا يمكن الاستغناء عنها.