|


رياض المسلم
راية القصبي.. من يتسلّمها؟!
2025-04-20
حرَّك النجم الكبير ناصر القصبي أصابع يديه بطريقةٍ لا إراديةٍ خلال مشهدٍ في مسرحيته «الشنطة»، فردَّ عليه حضور مسرح بكر الشدي بضحكةٍ طويلةٍ، شهدتها خلال متابعتي العرضَ الأخير للمسرحية. حينها تذكَّرت إجابة النجمة المصرية يسرا عن سؤالٍ صحافي: كيف تصفين موهبة الأسطورة الراحل أحمد زكي، فقالت: «ده أفاه بيمثل». وتلخِّص إجابتها بأن العباقرة في التمثيل، سكنتهم الموهبة، فنقلوا إحساسهم إلى المشاهدين..
ناصر القصبي يقدم العرض الأخير لمسرحيته، وعلى الرغم من أنه «يوم سبت» إلا أنك بالكاد تجد مقعدًا فارغًا، وهو دلالةٌ على أن «أبا راكان» أيقونة التمثيل السعودي، وكنز مسرحه، فصورته على «بوستر» العمل، تضمن وصول المبيعات إلى أرقامٍ قياسيةٍ، وهو ما تحقق خلال أكثر من 18 عرضًا..
مسيرة القصبي الممتدة أكثر من 37 عامًا في العمل الدرامي بكافة اتجاهاته، يجب أن تدرس بعنايةٍ من قِبل ممثلي الجيل الراهن، وأن يتتبعوا خطواته، وكيف تربَّع على عرش المسرح، وأضحك الصغار قبل الكبار، وهم لم يتعرفوا عليه سوى في المسرحية، فبرهن أن موهبته لا تحمل مدة صلاحية طالما هو يتنفس التمثيل، وأثبت أنه نجمٌ لكل الأجيال، وعطاؤه على المسرح يجذب أعتى المستثمرين..
القصبي أشرف على مسرحية «الشنطة»، ودخل في كل تفاصيلها، وكان ذكيًّا في اختيار نجومٍ، زاملوه سنواتٍ طويلةً في أعمالٍ سابقةٍ، في مقدمتهم النجمان حبيب الحبيب وعبد المجيد الرهيدي، لكنْ الجديد هذه المرة، أنه جعل مواهبَ سعوديةً من الجيل الحالي، يصعدون خشبةَ المسرح، ومكَّنهم، بينهم يوسف الدخيل، ونهار المولد، ونواف سليمان، وهيلدا ياسين، فظهرت خلطةٌ، تضحك الكبير والصغير، وانصهر بينهم، وكأنَّه ابن جيلهم..
المسرحية، التي أنتجها فنيًّا الخبير المسرحي خالد الباز، كُتبت بعنايةٍ، وابتعدت عن الإسفاف، وترى الرضا والإعجاب في عيون الحضور عند خروجهم، أو من خلال التصفيق الملتهب..
العمل المسرحي السعودي الناجح يسعدنا، ويجعلنا ننافس البقية، ويرفع الإيرادات، وهو المهم، لكنْ الأهم استمرار مسرح القصبي، وأن تعرض المسرحية في أكثر من مدينةٍ، فهي بضاعةٌ رابحةٌ، وأن يمتد عرضها فترةً طويلةً، ولنا في النجم المصري الكبير عادل إمام خير مثالٍ، وكيف استثمر مسرحه بدايةً من «شاهد ما شافش حاجة» 6 سنوات، و«الواد سيد الشغال» 8 سنوات، و«الزعيم» 7 سنوات، و«بودي جارد» 9 سنوات..
النجم ناصر القصبي يستطيع أن يحقق أرقامًا قياسيةً في العرض، ولا يوجد ممثل سعودي، مع احترامي للجميع، يمكن أن يقترب من مكانته في المسرح، وقد شكَّل فريقًا رائعًا، واستثمر الدعم الكبير من قِبل الجهات ذات العلاقة، في مقدمتها الهيئة العامة للترفيه، وأتمنى أن يخرج لدينا ممثلون سعوديون على المسرح، يتسلمون الراية، ويواصلون مسيرة القصبي الناجحة، ويهتمون بالمحتوى الجيد وتطوير إمكاناتهم..