|




أحمد الحامد⁩
حرب المغنيين.. وأمريكا والصين
2025-04-23
حرب التعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة والصين ذكرتني بحرب المغنيات، كلما ظهرت مغنية جديدة شابة، وبدأت بأكل الجو، اشتعلت غيرة الفنانات القديمات، وبدأن باتهامها بتخريب الفن، وأخذ الأغنية إلى الطريق المنحدرة على قول قوقل ماب. وللأمانة حتى بعض المغنيين القدماء قالوا الأمر نفسه عن المغنيين الجدد، وأن ما يقدمونه مجرد تهريج، وإزعاج للأذن. حتى المغنيين الجدد بعدما أصبحوا قدماء، اتهموا مغنيين المهرجانات، بأنهم شوهوا الأغنية وأفسدوا الذوق العام، على أساس أن أغانيهم كانت «سلطنة»!. كانت النكات على الصناعات الصينية في بداياتها لا تتوقف، صناعة صينية تعني رديئة وأي كلام، حتى انتشرت بعض الأقاويل عن أن الصناعات الصينية مضّرة للصحة، لأنها لا تلتزم بالمعايير الصحية. كان كلامًا أشبه بتوجيه الأغنية إلى الطريق المنحدرة. كل الشواهد تقول إن لا أحد يقف في وجه التغيير إذا جاء، لأنه لا يأتي من طريق واحدة، بل من كل الطرق والاتجاهات مثل العاصفة العظيمة، وهكذا جاءت الصين. يعرف الغرب أن منافسة الصين القادمة على الصناعات الثقيلة، وهذا ما يخشاه، ويحاول إيقافه، وهي محاولة متأخرة جدًا، لأن الصين الآن أكبر بائع للسيارات الكهربائية، وصانع للطائرات المدنية والحربية، والدبابات والأسلحة، والسفن، والتقنية. سمعت أحد الاقتصاديين الغربيين في محاضرة يقول إن قوة الصين ليست في انخفاض تكلفة صناعة المنتجات، بل في مهارة الصينيين وعلمهم الفائق في الصناعة. معنى ذلك أن الصين استثمرت في العقول ولم تراهن على انخفاض التكلفة فقط، لأن منافستها على انخفاض التكلفة واردة من أي دولة محيطة أو بعيدة. في المقابل لا ينقص الغرب العقول، هم بالأساس أسياد الصناعات الأولى، لكنهم أخطأوا عندما قبلوا بهجرة صناعاتهم الصغيرة للصين، ظنًا أن تركيزهم على الصناعات الثقيلة والتقنية والمصارف هو الأهم، متناسين أن كل صغير يكبر، كما كبرت الصين. لن يستطيع الغرب استعادة صناعاته الصغيرة من الصين، لأن تكلفة الحياة في الغرب ارتفعت، لذا أصبحت الصناعات الصغيرة بلا جدوى لهم، مع أنها صناعات تريليونية للصين ذات التكلفة المعيشية المنخفضة. ما يحدث الآن أن الولايات المتحدة الأمريكية تفرض رسومًا مرتفعة على منتجات أمريكية عالمية مصنوعة في الصين، وهي بذلك كمن تفرض ضريبة إضافية على نفسها. لا يمكن أن تستعيد الماضي لتمحو أخطاءك، لكنك تستطيع التعلم منها.