أكاديمية مهد.. مصنع الأبطال في قلب رؤية 2030

في قلب العاصمة الرياض، وتحديدًا بين أسوار منشأة لا تشبه الأكاديميات التقليدية، تُصقل المواهب، وتُبنى الأحلام الرياضية بخطى علمية واثقة. إنها أكاديمية مهد، المشروع الذي خرج من رحم رؤية السعودية 2030 عام 2020 ليكون أكثر من مجرد مركز تدريبي، بل ليصبح مصنعًا حقيقيًا لصناعة الأبطال السعوديين.
وفي عام 2021، صدر قرار مجلس الوزراء بتأسيس الأكاديمية، ومعه بدأ فصل جديد في قصة الرياضة الوطنية. لم تنتظر مهد طويلًا لتثبت حضورها، ففي غضون ثلاثة أعوام، أصبحت محط أنظار الشارع الرياضي، بعد أن قدّمت نموذجًا غير مسبوق في اكتشاف ورعاية الموهبة.
تخيل أن أكثر من 126 ألف طالب وطالبة، من 25 مدينة سعودية، خضعوا لبرامج استكشاف داخل المدارس والميادين، عبر أكثر من 900 زيارة و185 فعالية. هذه ليست مجرد أرقام، بل هي حكايات صغيرة لمواهب كبيرة تُكتشف كل يوم. بعضهم، وجد نفسه بعدها يرتدي قميص مهد، ويصعد إلى الطائرة متوجهًا إلى إسبانيا أو فرنسا أو إيطاليا، ضمن برامج المعايشة الدولية التي تهدف إلى غرس ثقافة الاحتراف مبكرًا.
في الجهة الأخرى من الحكاية، ثمة مدرسة. نعم، «مدرسة مهد»، حيث يتعلّم الطلاب المناهج الدراسية جنبًا إلى جنب مع التمارين البدنية. هنا لا أحد يختار بين الرياضة والعلم، بل يمضي نحو الحُلم بقدمين ثابتتين: المعرفة والمهارة. 53 طالبًا يتوزعون على رياضات الجودو، التايكوندو، كرة القدم، وألعاب القوى، يتلقّون تدريبًا يوميًا على أيدي نخبة من الخبراء الدوليين، في بيئة متكاملة تجمع بين العلم والانضباط.
لكن ماذا عن النتائج؟ لا تسأل كثيرًا، فـ أكثر من 40 ميدالية حققتها فرق الأكاديمية في بطولات محلية ودولية. والأهم من الميداليات، أن فرق مهد تشارك حاليًا في الدوري السعودي بست فئات سنية، لتنافس وتُثبت أن التأسيس العلمي ليس مجرد رفاهية، بل ضرورة للفوز.
والقصة لا تتوقف عند التمرين والميدالية. هناك ذكاء اصطناعي يرصد تطور كل لاعب، عبر منصة إلكترونية حديثة ونظام يسمى Apollo v2، يتابع أداء الرياضيين بدقة، ويقدم للمدربين بيانات لحظية تعينهم على اتخاذ قرارات فنية قائمة على العلم.
أكاديمية مهد لم تأتِ لتكون مشروعًا عابرًا. إنها مؤسسة وطنية تحمل روح المستقبل، تصنع الأبطال من الصفر، وتبني نموذجًا رياضيًا سعوديًا يقول للعالم: هنا تُصنع الأقدام التي ستحمل راية الوطن في المحافل الكبرى.