يايسله.. من حبل المشنقة إلى الحلم الكبير

في ليلة صيفية صعبة من نوفمبر 2024، جلس الألماني ماتياس يايسله يحدق في شاشة حاسوبه المحمول، وكأنها مرآة تعكس واقعًا مؤلمًا.
الأرقام كانت بمثابة سيف مسلط على رقبته: 5 هزائم في 10 مباريات رسمية.
بدأ الموسم بخسارة قاسية في كأس السوبر السعودي أمام الهلال، 13 أغسطس، تلتها هزيمة 1ـ0 أمام الفتح في دوري روشن، 27 أغسطس، ثم جاءت الصدمة الكبرى بوداع كأس الملك على يد الجندل، فريق الدرجة الأولى، بنتيجة 2ـ1 في 23 أغسطس، وبعدها بأربعة أيام كان القادسية يرقص على جراحه بهدف، ثم بعدها بأسبوع يتلقى هزيمة جديدة من الهلال على أرضه 2ـ1.
في 41 يومًا فقط، تحول يايسله، الألماني البالغ 37 عامًا، من مهندس مشروع طموح إلى رجل يواجه شبح الإقالة.
الألماني الشاب، الذي وصل إلى فريق الأهلي الأول لكرة القدم قبل عام واحد فقط، على وشك أن يصبح ذكرى عابرة في تاريخ النادي العريق، لكن شيئًا ما في عينيه كان يرفض الاستسلام.
في تلك الأيام العصيبة، عقدت إدارة الأهلي اجتماعًا حاسمًا لبحث مصير يايسله، كانت الأصوات تنقسم، البعض رأى أن إقالته حتمية لإنقاذ الموسم، بينما دافع آخرون عن رؤيته طويلة الأمد.
عاد يايسله إلى الملعب بعزيمة متجددة، بدأ بإعادة تنظيم الفريق، معتمدًا على مزيج من الخبرة والشباب: روبرتو فيرمينيو، ورياض محرز، وإيفان توني، شكلوا خط هجوم مرعبًا، بينما أعاد فرانك كيسية تنظيم خط الوسط، لكن الأهم كان التغيير في العقلية، كما قال بعد أحد المؤتمرات الصحافية: «كنت أقول للاعبين كل يوم: نحن الأهلي، لا نخاف أحدًا».
حين اقتربت أوقات الحسم في ربع نهائي نخبة آسيا، واجه الأهلي بوريرام يونايتد التايلاندي، كانت مباراة محفوفة بالمخاطر، لكن تشكيلة يايسله المحكمة، بقيادة فيرمينيو ومحرز، حسمت اللقاء 3ـ0. «كنا نلعب بثقة، شعرت أن الفريق بدأ يفهم فلسفتي»، قال هذا يايسله لاحقًا.
لحظة الحقيقة، والاختبار الأصعب، جاء في نصف النهائي ضد الهلال بقيادة جورجي جيسوس، الذي خسر يايسله أمامه ثلاث مرات في الموسمين الماضيين.
في 29 أبريل 2025، على ملعب الإنماء، قدم الأهلي مباراة تاريخية، قادته إلى الانتصار 3ـ1 في المعركة التي كان كسبها كفيلًا بدمح كل أخطاء الماضي، وإن بلغت زبد البحر.
الآن، يقف يايسله على أعتاب التاريخ، النهائي الآسيوي ينتظره، ومعها فرصة لإعادة الأهلي إلى منصات التتويج القارية مع هذا المتأنق والمتألق في آخر أيامه، ليتحول من مدرب كان يواجه حبل المشنقة إلى مهندس ختام تاريخي.