“هرب من النافذة” ليختفي في النصر
ستكون أنظار الجماهير الهلالية والنصراوية شاخصة نحو لاعب وسط فريق النصر الأول لكرة القدم عبد العزيز الجبرين, عندما يظهر مع فريقه السبت في لقاء “الديربي” الأول له بالقميص الأصفر أمام الهلال, على ملعب الملك فهد الدولي في الرياض, ضمن الجولة الـ12 من منافسات مسابقة دوري عبد اللطيف جميل للمحترفين.
ذلك لأن الجبرين أثار الأوساط الرياضية نهاية الموسم الماضي, عندما وقف على خط واحد للانتقال من الرائد إلى صفوف أي من الناديين, قبل أن تضرّب الإدارة النصراوية برئاسة الأمير فيصل بن تركي بقوة, وتكسب خدمات اللاعب في صفقة انتقال قياسية, وقفت عند حاجز الـ24 مليون ريال, بواقع 12 مليونًا للرائد, ومثلها للاعب في عقد يستمر خمسة مواسم, يتسلم عن كل موسم 2.4 مليون ريال.
وبزغ نجم الجبرين للمرة الأولى في كرة القدم السعودية بداية الموسم قبل الماضي, عندما دافع عن ألوان فريقه السابق الرائد في مسابقة دوري عبد اللطيف جميل للمحترفين, بعد موسمين قضاهما أسيرًا لدكة البدلاء إلى جانب كونه عنصرًا فعالاً مع الفريق الأولمبي في مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد تحت 21 عامًا.
وتعود التفاصيل كاملة إلى يوم الـ19 من أبريل للعام 1990, عندما دوت صرخة بريئة في منزل المرحوم بإذن الله جبرين الجبرين, حملت معها مولد الابن “عبد العزيز”, والذي شق طريقه نحو النجومية باختياره الفئات السنيّة لنادي الشباب بداية له, حيث ركل كرة القدم ناشئًا موسم 2007, قبل أن يشارك في فريق درجة الشباب موسمي 2008 و2009 لينتقل صيف العام 2010 إلى الرائد, في صفقة لاعب هاو لم تزد تكاليفها عن 100 ألف ريال.
محور الاهتمام
جعله الرائديون محور اهتمامهم منذ اليوم الأول له في النادي, حيث كان ضمن بعثة الفريق التي أقامت معسكرًا إعداديًا سبق2010 في مدينة بيلوهروزنتي البرازيلية, وأثنى المدرب السابق للفريق لوتشيو نيزو (برازيلي) كثيرًا على إمكانيات اللاعب, مشيرًا حينها إلى أن السبب الرئيسي في عدم الاعتماد عليه يعود لوجود لاعبين يفوقونه بالخبرة كعبده حكمي وبندر القرني وأحمد الخير في مركزه المحور الدفاعي.
قضى الجبرين ذلك الموسم عنصرًا هامًا مع الفريق الأولمبي تحت 21 عامًا, والذي كان ينشط حينها في دوري الأمير فيصل بن فهد, وتحت إشراف المدرب حافظ الهواربي (تونسي), فيما كانت مشاركته مع الفريق الأول لا تتجاوز التدريبات الجماعية والمباريات الوديّة, إلى جانب التواجد في المعسكرات الطويلة حال فترات التوقف.
مصير مشابه
في موسمه الثاني مع الرائد, كان مصيره مشابهًا لما كان عليه الموسم الأول, حتى وإن كان بوركيو جوميز (برتغالي) يتسلّم المهام بصفته مدربًا للفريق, في ذلك الموسم 2011 اعتمده جوميز بجانب 28 لاعبًا دخلوا معسكرًا إعداديًا في مدينة اسطنبول التركية, لكنه لم ينل فرصة اللعب مع الفريق دوريًا, رغم جلوسه احتياطيًا في ست مباريات, حيث استمر ظهوره في المسابقة المحصورة على اللاعبين دون 21 عامًا, والمشاركة في التدريبات اليومية مع الفريق الأول وخوض اللقاءات الودية.
مع دخول الموسم ثلثه الثاني, استعان الرائديون بالمدرب الخبير عمار السويح (تونسي) خلفًا لجوميز الذي صُدم بقرار الإقالة والعودة إلى بلاده, حينها كان الرائديون ينتظرون من السويح إبقاء الفريق في المسابقة الأقوى عربيًا, حيث يواجه الفريق حينها الخطر بالهبوط إلى دوري الدرجة الأولى.
في الأيام الأولى.. أمسك السويح بيد الجبرين, وشرح له نظريّته, وهي أن الفريق يحتاج لاعبين ذوي خبرة, خصوصًا أن موقفه في سلّم الترتيب لا يحتمل إشراك لاعبين شباب .. تفهّم الجبرين وجهة نظر مدرّبه, وواصل التدريب بجديّة, والتألق في البطولة الأولمبية, لكنه أنهى ذلك الموسم دون حضور ولو لدقيقة.
بروز والتهديف
كانت بداية الموسم 2012 مشجّعة للجبرين, كونه عاد بذهنه إلى الوراء, حين الجلوس مع المدرب السويح منتصف الموسم الذي سبقه, فالجبرين يشكّل مصدر اطمئنان الفريق في المسابقة, وبات عنصرًا ثابتًا في القائمة المكوّنه من 11 لاعبًا, اختارهم المدرب السويح في موسمه الثاني منذ المعسكر المقام في تركيا قبل انطلاق المنافسات.
في ذلك الموسم شق الجبرين طريقه نحو النجومية, وكانت حصيلته هي الحضور عبر 18 لقاء من أصل 26, كان أساسيًا خلال 16 مواجهة, وشهدت تلك المباريات تسجيله ثلاثة أهداف, واحدًا برأسه, وآخرًا بقدمه اليمنى ومثله باليسرى, فيما كان اللقاء الدوري أمام التعاون ضمن الجولة الـ18 هو الأجمل بالنسبة له كونه مضى على أهداف فريقه في اللقاء الذي انتهى بنتيجة التعادل 2ـ2, بينما شهدت الموقعة أمام الفتح في بريدة أيضًا ضمن الجولة الـ17 تسجيله الهدف الوحيد, عند الخسارة 1ـ3 من البطل المتوّج بلقب تلك المسابقة, علمًا أنه طيلة ذلك الموسم نال بطاقة صفراء واحدة في مسابقة الدوري, كانت خلال اللقاء أمام الشباب في الرياض ضمن الجولة الـ19.
عقد الاحتراف
في الموسم الماضي, اعتمد الرائديون بشكل كبير على الجبرين, وجعلوه إلى جانب أربعة لاعبين أمل النادي في مستقبله القريب, ليلعب برفقة الحارس أحمد الكسار والمهاجم مشعل العنزي والمدافع عبد السلام الشريف دورًا بارزًا في بقاء الرائد ضمن أندية مسابقة دوري عبد اللطيف جميل للمحترفين.
في فترة الصيف التي سبقت انطلاقة الموسم, أكمل الجبرين عامه الـ23, وتأكد الرائديون بأن إبرامهم عقدًا احترافيًا مع صاحب الرقم 8 لن يدخلهم إشكاليات قانونية, ولن يمنح ناديه السابق فرصة المطالبة بعائد التدريب للسنوات الثلاث التي قضاها في الفئات السنية, حسب لوائح وأنظمة الاحتراف المعمول بها محليًا.
منحو 900 ألف ريال على ثلاث دفعات, بعقد يستمر ثلاثة مواسم, وراتب شهري يبلغ 10 آلآف ريال, وجرى توثيق العقد في مقر النادي يوم الـ17 من يوليو للعام 2013, ليبدأ الجبرين منذ ذلك الوقت رحلة الدفاع الأخيرة عن ألوان الرائد, ويشارك في 24 لقاء دوري, جميعها لم تشهد تسجيله أهدافًا, لكنه مهّد لزملائه ثلاثة أهداف, اثنان في المواجهة أمام الشباب في الرياض ضمن الجولة الثالثة حين الخسارة 2ـ5, وواحدًا خلال اللقاء أمام الاتحاد في بريدة, عند الخسارة 1ـ4 ضمن الجولة الـ10.
في الموسم الماضي صُدم الجبرين بالبطاقة الحمراء مرة واحدة, كانت حين التعادل 1ـ1 مع العروبة في بريدة ضمن الجولة السابعة, لكنه سجّل غيابه عن اللقاء أمام العروبة أيضًا في الجوف ضمن الجولة الـ20 بداعي البطاقات الصفراء المتراكمة.
عرض الهلال
ما أن أسدل الستار على منافسات مسابقة الدوري للموسم الماضي, إلا وتناقل الرائديون علنًا خبر مغادرة الجبرين أسوار ناديهم, حينها لوّح رئيس النادي حينذاك عبد العزيز المسلم بعرض رسمي من الهلال مضيفًا إليه موافقة اللاعب على الانتقال, بعد مفاوضات لم تستمر طويلاً, كان القائد لها من الجانب الهلالي نائب الرئيس محمد الحميداني, لتضرب إدارة الرائد موعدًا يوم التاسع من إبريل الماضي مع مدير عام كرة القدم بنادي الهلال فهد المفرج, ومدير الاحتراف بالنادي تركي المسند وإداري الفريق الأولمبي الأزرق سعد المنصور وذلك في أحد الفنادق الكبرى ببريدة, لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة الانتقال, وتسميّة الجبرين لاعبًا هلاليًا لقاء ثمانية ملايين ريال للرائد, إضافة إلى التنازل عن ثلاثة لاعبين هلاليين لمصلحة الرائد هم المهاجم فهد الجهني وثنائي الدفاع فواز فلاتة ويحيى المسلم, فيما سيتسلّم الجبرين مليوني ريال من الهلاليين قيمة منزل وسيّارة فارهه, و10 ملايين ريال توزّع رواتبًا شهريّة طيلة العقد الممتد لخمس سنوات, حيث يتسلّم شهريًا ما يقارب 166 ألف ريال, وجميع هذه الترتيبات شهدت حضورًا إعلاميًا غير مسبوق, وجماهيرياً كبيراً توقف عن البوابة الرئيسية للفندق بانتظار الإعلان الرسمي عن الصفقة الهلالية الموصى بها من قبل المدرب السابق للفريق الأزرق سامي الجابر (وطني).
الهروب من النافذة
شيء من هذا لم يكن, ممثلو الهلال يصلون ورئيس الرائد ينتظر ساعات طوال في الفندق واللاعب الجبرين مختفيًا دون أن يترك أثراً, حينها فضّل إغلاق هاتفه المحمول, والسفر إلى العاصمة الرياض للجلوس على طاولة اجتماع مخالف ناشطين نصراويين, ذلك تم على ضوء ترتيبات مسبقة من وكيل أعماله, ليؤكد الرائديون بأنه “هرب من نافذة شقّته الواقعة في قلب بريدة رفضًا منه لعرض الهلال, واستجابة لضغوط نصراوية “.
بعد ساعات من الاختفاء, جاء ظهور الجبرين صاخبًا, إذ أعلن عبر مداخلة هاتفية لإحدى الإذاعات الرياضية رغبته الكبيرة في الانتقال إلى النصر, دون النظر للعروض الأخرى, وسط اعتراض رائدي ممثلاً في الرئيس المسلّم الذي أكد أنه بات هلاليًا خالصًا, فيما كان دخول النصر على خط المفاوضات, عند إرسال إدارة الأمير فيصل بن تركي عبر الفاكس عرضها الرسمي, وحدّدوا من خلاله 12 مليونًا ثمن الموافقة الرائدية على بيع اللاعب الواقع ضمن خيارات مدرب المنتخب السعودي حينها لوبيز كارو (إسباني), ليأتي رد الرئيس الرائدي على النصراويين بأن “ الجبرين لاعب هلالي, وعليهم مفاوضات إدارة الأمير عبد الرحمن بن مساعد متى ما رغبوا في خدماته دون التواصل مع الرائد “. وهذا ما أشعل نار الخلافات في الوسط الرائدي, ليطالب شرفيون مؤثرون بضرورة حسم الموقف, والذهاب مع رغبة اللاعب, خصوصًا أن النادي يعاني مشكلات مالية, ستساهم ملايين النصر في حل جزء منها.
خسارتان للرائد
ساهم هروب اللاعب واختفاؤه عن الأنظار في التأثير سلبًا على معنويات زملائه لاعبي الرائد, الذين يستعدون بعد ساعات من هروبه للمثول أمام الاتحاد في بريدة, ضمن ربع نهائي مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال, باختفائه المفاجئ أحبط مدرب الفريق حينها مارك بريس (بلجيكي) الذي بدأ التحرّك سريعًا لإيجاد لاعب يعوّض غيابه, لتتوقف خياراته عن لاعب الوسط فهد السبيعي, الذي يقضي شهره الثالث في الرائد منذ القدوم إليه في فترة انتقالات الشتاء بعد تسوية عقده الاحترافي مع ناديه السابق القادسية, أحد فرق دوري الدرجة الأولى للمحترفين.
ولأن الجبرين كان مصدر اطمئنان الرائديين على المستوى الدفاعي, ساهم غيابه عن المواجهه في الخسارة 0ـ3, والخروج من المسابقة التي قطعوا فيها مشوارًا طويلاً أثر الفوز على أحد ضمن دور الـ32 بهدف دون رد في بريدة, قبل التغلب على هجر 4ـ1 في الأحساء لحساب دور الـ16, الخسائر التي خلّفها هروب الجبرين لم تقف عند هذا الحد, فالرائد يخسر لقاءه الخارجي أمام صحم العماني في مسقط 1ـ2, يوم الـ16 من أبريل, بعد سبعة أيام من هروبه الشهير, وذلك اللقاء جاء ضمن الجولة الخامسة من منافسات المجموعة الأولى لبطولة دوري أبطال الخليج الـ29, ليودّع الرائد المسابقة, بعدما كان يمنّي النفس في الفوز والتأهل إلى دور ربع نهائي برفقة الجهراء الكويتي.
انسحاب هلالي و”الاحتراف” تتدخل
استمرّ أمر اللاعب الجبرين معلّقًا لأسابيع, دون حسم من الجانب الرائدي أو الهلالي أو النصراوي, حتى حملت الأيام الأخيرة من شهر أبريل انسحاب الهلاليين من المفاوضات, وتقديرهم رغبة اللاعب بارتداء شعار النصر, في وقت كانت فيه الإدارة الصفراء تنتظر الرد على عرضها الذي جاء بناء بعد توصية مدرب الفريق السابق دانييل كارينيو (أوروجوياني), الذي كشف إعجابه باللاعب حين الفوز على الرائد دوريًا بثلاثية نظيفة في الرياض, ضمن الجولة الـ17 من منافسات المسابقة المختتمة بتتويج نصراوي. في هذه الأثناء جاء تدخّل لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين بالاتحاد السعودي يوم الثالث من مايو الماضي, لتوقع عقوبات قاسية بحق الأطراف الثلاثة, بداعي مخالفة اللوائح ساعة المفاوضات, حيث فرضت غرامة مالية على أندية الهلال والرائد والنصر قدرها 500 ألف ريال على كل ناد، كما غرمت اللاعب عبدالعزيز الجبرين 300 ألف ريال، ورئيس نادي الرائد عبدالعزيز المسلم 300 ألف ريال أيضا، ومثلها لعضو شرف نادي النصر سليمان المالك بزعمه قائدًا لمفاوضات ناديه.
وطالت العقوبات المشرف على كرة القدم في نادي الرائد عبدالله السبيعي الذي أوقعت عليه غرامة مالية قدرها 50 ألف ريال، وكذلك وكيل أعمال اللاعب عبدالعزيز الجبرين، صالح الداود 20 ألف ريال، ووكيل أعمال اللاعبين ذيب الدحيم 300 ألف ريال لضلوعه في سير المفاوضات دون علاقة رسمية باللاعب, لتبلغ الغرامات المالية 2.770.000 ريال.
موافقة والرقم 16
بعد ثلاثة أيام من إقرار العقوبات, أرسل الرائديون خطاب الموافقة على العرض النصراوي, ليتواجد رئيس الرائد عبد العزيز المسلم برفقة اللاعب الجبرين في منزل الرئيس النصراوي فيصل بن تركي, يوم الثلاثاء السادس من مايو الماضي, ويمضي الرئيسان على وثيقة الانتقال, ويتسلّم الرائديون خمسة ملايين تمثّل الدفعة الأولى من حصة الانتقال, على أن يتسلّموا 3.5 مليون مطلع يوليو الماضي, ومثلها مع الأيام الأولى لنوفمبر المنصرم, حينها حمل الجبرين القميص الأصفر بالرقم 16 وسط فرحة نصراوية عارمة, شهدت الانتصار في السجال الكبير مع منافسهم التقليدي والفوز بخدمات أحد أفضل اللاعبين المحليين الصاعدين.