|




أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2025-05-16
لو كان العالم الذي نعيش فيه رتيبًا لمللنا منه، لذا مهما بلغت غرابة الأحداث، وزادت عجائب الزمان، خاصَّةً التكنولوجية، ستبقى تضيفُ تجديدًا وتشويقًا إلى حياتنا.
بالأمس شاهدت سيارةً، يتبدَّل لونها بضغطة زرٍّ! وحقيبة سفرٍ، تتبع صاحبها أينما ذهب! بينما قام أحد الزملاء بعمل إعلان تلفزيوني بمجرد كتابة بعض السطور للذكاء الاصطناعي، هذا الإعلان كان يتطلَّب فريقًا من المحترفين، وعشرات الساعات من النقاشات، والفلسفة الزائدة، إضافةً إلى يومٍ، أو أكثر للتصوير، ومبالغَ كبيرةٍ! كل ذلك صار ملغى مع وجود أخينا الذكاء الاصطناعي!
العالم في طريقه لإلغاء جوازات السفر الورقية، وتختبر دولٌ عدة اعتماد تقنيات التعرُّف على الوجوه للتحقُّق من هويَّة الركاب، وإذا ما طُبِّقت هذه التقنية، فستُعتمد أيضًا في مجالاتٍ أخرى، أي أن الوجه سيكون هويَّة الإنسان، وليست أوراقه الثبوتية. لا شكَّ أن ذلك يعدُّ ضربةً قاصمةً للمزوِّرين والمهرِّبين.
كنت أسمع أن التقنية ستقلِّل الاعتمادَ على الورق، لكنني لم أعتقد أن ذلك سيلغي الأوراق التي تثبت اسم وهويَّة الإنسان! لا أعرف حقًّا كيف سيكون حال المسافر الذي فقدَ كثيرًا من وزنه، هل ستتعرَّف التقنية على وجهه؟! أذكرُ عندما قمت بعمل «ريجيمٍ» قاسٍ، أفقدني كثيرًا من وزني، وخلَّصني من الشحوم، مع خسارة كتلٍ من عضلاتي، أذكرُ أن وجهي حينها لم يتبقَّ منه سوى الخشم والأذنين!
قد تكون أخبار الرجال الأكثر ثراءً، هي الأكثر انتشارًا ومتابعةً من قِبل القرَّاء، ولا أعلم لماذا! ربما يراهم بعضهم قدوةً لهم، أو يحاول بعض الطامحين بالثروات تقليدهم، واستلهام تجاربهم، أو أن متابعتهم، تأتي من تأثير سطوة المال وهيبته.
على الرغم مما يملكه الأثرياء الجدد من ملياراتٍ فلكيةٍ، وأقصد الذين حققوا ملياراتهم من التقنية، إلا أنني لست مقتنعًا بتجربتهم بوصفها تجربةً واقعيةً، يمكن تكرارها، أو الاقتباس منها، لأن ملياراتهم جاءت سهلةً. لقد كانوا في الوقت المناسب بالفكرة المناسبة. على سبيل المثال، مؤسِّس «فيسبوك»، لو جاء أحدٌ، وقدَّم تطبيقًا أفضل من تطبيقه، ما كان ليحقِّق شيئًا مما حققه. كل مَن ركبوا موجة التقنية الأولى، حققوا أرباحًا تاريخيةً خلال عامٍ، أو عامين، بل إن هذه الأرباح لم يحققها الأثرياء السابقون طوال حياتهم!
عمومًا، إليكم آخر أرباح أثرياء العالم. يقول الخبر: إن عشرة مليارديراتٍ حققوا أكثر من 87 مليار دولارٍ مع انتعاش أسواق الأسهم بعد الهدوء الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين! تخيَّلوا عشرة مليارديرات كانوا في منازلهم، أو أي مكانٍ، ربحوا هذه المليارات خلال أيامٍ، ودون جهدٍ، أو عناءٍ! هذه العجائب والغرائب تكسر رتابة الحياة حتى وإن بدت غير مقنعةٍ، وغير عادلةٍ.