المعركة الكلامية بين ترامب وإيلون ماسك، لن تحدث كما هي الآن، لو كنا في زمن غير زمن السوشال ميديا، كانت ستكون معركة على ملعب الصحافة، يتسابق المهتمون بمتابعتها بشراء الصحف من الأكشاك والبقالات، وستبقى محدودة، يعلم بها المهتمون في الشأن فقط. أما الآن فالكل يعلم بالتفاصيل، والكل يقرأ أولًا بأول، والكل ليس في أمريكا فقط، بل كل مكان وصل إليه الإنترنت في العالم. وبغض النظر إن كانت ردات فعل ماسك صحيحة أو خاطئة، لكن صوته كان مسموعًا طوال تراشقه مع ترامب. المشهد يوّضح إلى أي درجة أن ماسك كان يعرف فيما يستثمر عندما اشترى «x» بمبلغ قيل إنه مبالغ فيه، وإنه دفع ضعف ما يستحق. كان يستثمر في بناء صورته، وامتلاك قوة تنفعه في الأزمات، يكفي القول إن لديه 220 مليون متابع، والمالك لمنصة ذات تأثير عالمي حاسم. الاستثمار في الإعلام لا يقل أهمية عن الاستثمار في صناعة أحدث الأسلحة، وفي أهم المحاصيل الغذائية الأساسية، ومع علمي بأن لا ديمقراطية حقيقية في الدول التي تدعي الديمقراطية، وقد يفقد ماسك كل استثماراته عندما يرون أنه «زوّدها حبتين» لكن ما حدث بينه وبين ترامب أثبت أن امتلاك القوة في إيصال الرأي، وتوضيح الموقف، والقدرة على صناعة رأي عام، قوة حقيقية لا تقل عن قوة الجيوش. لن يتابع من هم خارج أمريكا الحرب الكلامية بين ترامب وماسك لولا تأثير السوشال ميديا على عقل القراء والمشاهدين، شأن لا يخص المواطن الأسترالي، أو الإفريقي، لكنه يكتب ويعلّق ويتفاعل، وقد تراه انحاز إلى طرف منهما. عن قوة صناعة الصورة حكاية قالها لي أحد المستثمرين في الصناعات الغذائية، أنه صنع منتجًا غذائيًا ممتازًا من الناحية الصحية، ولذيذ جدًا، كل الموزعين للمواد الغذائية أشادوا فيه، لكن معظمهم رفضوا شراءه لأنه منتج غير معروف، وبعد قيامه بحملة دعائية للمنتج بدأ يتلقى الاتصالات من نفس الموزعين طالبين شراء منتجه. استثمار إيلون ماسك في «x» استثمار صحيح لأنه يدرك أهمية تأثير الإعلام، حتى أنا وصلني هذا التأثير، بدليل أني أكتب عن مشكلة بين شخصين لا علاقة لي بهما وبمشكلتهما!.