«الكنغر».. استوطن أستراليا فاتخذته شعارا وهوية

لا تنظر أستراليا للكنغر بوصفه مجرد حيوان عشبي يعيش ويرعى في براريها، وإنما رمزًا وطنيًا متجذرًا في وجدان أمتها، ومعلمًا حيًّا يجسّد خصوصية طبيعتها وتنوّعها البيولوجي، ويشكّل منذ القدم جزءًا أصيلًا من هويتها الثقافية، ويحضر في فنونها وشعاراتها وألقاب فرقها الرياضية.
واشتُقَّت كلمة كنغر من لفظ «جانجورو» في لغة «جوجو ييميثير»، إحدى لغات السكّان الأصليين للقارة الأسترالية، ويشير إلى الكنغر الرمادي الشرقي. وسُجِّل الاسم مكتوبًا للمرة الأولى بتاريخ 12 يوليو 1770، في مُدوَّنة ضمن مذكرات السير جوزيف بانكس، عالم الطبيعة الإنجليزي.
ويعيش هذا الحيوان حصرًا في أستراليا ولا يستوطن بلدًا آخر غيرها، بينما يوجد منه نوع صغير الحجم يُسمى «كنغر الشجر» في جزيرة غينيا الجديدة العملاقة، المتشاطئة مع أستراليا.
وقدّرت حكومة أستراليا أعداده على أراضيها بـ 42.8 مليون حيوان عام 2019، بانخفاض عن 53.2 مليون في 2013.
ونظرًا لاستئثار أستراليا به، أصبح منذ القرن الـ 19 رمزًا لها تُنقَش صورته على شعار الدولة، وقوّاتها الجويّة، وبعض عملاتها النقدية، وعدد من أشهر كياناتها مثل شركة كانتاس، إضافة إلى المنتخبات الرياضية.
ولخلق هوية مرتبطة بالبيئة الأسترالية، أطلق على منتخب الرجبي لقب «الكناغر»، وكذلك سُمِّي منتخب كرة القدم، الذي يواجه نظيره السعودي الثلاثاء ضمن تصفيات كأس العالم، بـ «سوكروز The Socceroos»، وهو مزيج من كلمتي كرة القدم «سوكر Soccer»، والكناغر «Kangaroos». ويعلو قميص هذا المنتخب شعار ذو خلفية صفراء اللون، يحمل حيوانين مختلفين، أحدهما الكنغر، والآخر طائر الإيمو الذي لا يعيش أيضًا سوى في أستراليا.
وفي العامية الأسترالية، يشار إلى الكنغر باسم «روس»، ويُطلق على الذكر «باك» أو «بومر» أو «جاك» أو «كبار السن old men»، بينما تُميَّز الإناث بأسماء أخرى مثل «فلايرز» و«جيلز»، ويسمَّى الصغار «جوي».
ولهذا الحيوان أنواع مختلفة، أكبرها الكنغر الأحمر، الذي يصل طوله إلى 2.7 متر، ووزنه حتى 90 كيلوجرامًا، بالإضافة إلى الكنغر الأنتيلوبيني، والرمادي الشرقي، والرمادي الغربي.
وينتمي الكنغر مع حيوانات أخرى منها الولب، والكوالا، وشيطان تسمانيا إلى عائلة الجرابيات التي تتميز بامتلاك جراب أو كيس بطني تحمل فيه الأم صغارها لفترة من الزمن حتى يكتمل نموّهم، ولا يوجد مثله عادة في الذكور.
ويملك الحيوان الأسترالي رأسًا صغيرًا بأذنين طويلتين منتصبتين، وعينين واسعتين يستطيع النظر بهما جيدًا حتى مع خفوت الضوء حوله، وتمنحاه زوايا رؤية جانبية عريضة، وله فم صغير يُخفي أسنانًا مخصَّصة لقضم العشب، ويرتكز جسده العضلي المتين، المغطى بالفرو البني أو الرمادي، على ساقين خلفيتين طويلتين وقويتين مخصَّصتين للقفز، تنتهيان من الأسفل بقدمين كبيرتين ومخالب حادة، أمّا ساقاه الأماميان فقصيرتان نسبيًا ويستخدمهما في الأكل والقتال، بينما يتصل بمؤخرته ذيل طويل وسميك يمنحه التوازن أثناء القفز أو عند الوقوف.
والكنغر حيوان مسالم وخجول ويميل غالبًا إلى الفرار من مواجهة البشر ولا يتعرض لهم دون إحساسه بالخطر والاستفزاز، ولم توثَّق له هجمات على الإنسان سوى حادثتين فرديتين فقط عامي 1936 و2022.
ويتميز لحمه بمحتوى عالٍ من البروتين، وبدهون شحيحة تبلغ نسبتها 2 في المئة فقط، واستخدمه السكان الأصليون الأستراليون مصدرًا غذائيًا لعشرات الآلاف من السنين.