|




عبد المحسن القباني
جوارديولا النبيل
2025-06-14
لم يظفر مانشستر سيتي بأي لقب هذا الموسم، لكن مدربه الخلّاق بيب جوارديولا نال جائزتين في لحظة واحدة: الدكتوراه الفخرية من جامعة مانشستر، ووسام النبل الأخلاقي. وقف يخطب أمام الحضور وكأنه يئن، اختار أن يتكلم حين صمت من حوله، وشرع في التذكير حين أرادوا النسيان. قال الدكتور الفخري أمام الجموع في مسرح الجامعة: «جسدي كله يتألم مما يحدث في غزة». وأضاف بأن الرياضة ليست سلطة محايدة فحسب، بل منصة للتذكير والإيقاظ الإنساني، داعيًا الجميع لأن يسكبوا الكثير من القطرات على نار غزة المشتعلة، علّها تخمد يومًا ما.

لم يكن جوارديولا مدفوعًا بدافعٍ أيديولوجي أو انتماءٍ سياسي، بل كما قال من منطلق حبّ الحياة واهتمام «بجيراننا»، مؤكدًا أن الصمت في وجه كارثة إنسانية هو تقاعس أخلاقي لا يُغتفر. هذا الموقف لا يعكس فقط قيم الرجل، بل يضع المجتمع الرياضي الدولي أمام مرآة مخجلة.

فما تزال إسرائيل تتمتع بعضوية كاملة في الاتحادات الرياضية، رغم سجلها الدموي، ولم تُعلّق عضويتها كما حدث مع روسيا، بل تتلقى الحماية والصمت والتبرير، وكأنها فوق المعايير.

المفارقة المؤلمة حين تدمر الملاعب والأندية وتقتل الرياضيين، لا يتغير شيء في ملفاتها الرياضية. أما غيرها، فمجرد غزو واحد كفيل بعزلها فورًا. لقد حسمت المنظمات الرياضية الدولية أمرها: للإسرائيليين الحق في «اللعب»، حتى إن غدروا بحياة آلاف الأبرياء.

لم يكن جوارديولا وحده، إذ تبعه الإيطالي روبرتو مانشيني، الذي نشر رسالة مؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال فيها: «أنا متألم من أجل غزة. أود أن أقول شيئًا بسيطًا بصفتي إنسانًا قبل أن أكون مواطنًا إيطاليًا: كفى استهدافًا للمدنيين».

وتابع: «آمل أن تصل المساعدات إلى غزة بأقرب وقت، وأن تنتهي هذه الحرب قريبًا. لا يمكنكم الاستمرار في استهداف العائلات والأطفال الأبرياء الذين لا علاقة لهم بهذا الصراع».

هذان الصوتان في الرياضة لا يمثلان موقفًا سياسيًا، بل نداءً أخلاقيًا مجردًا. الرياضة في أصلها ليست صامتة، إنها ساحة للضمير، وما لم يدرك العالم الرياضي أنه شريك بالصمت، فإن المذبحة ستستمر واللعبة ستفقد معناها.