|




أحمد الحامد⁩
أغاني.. وتطبيقات تقرأ أفكارك
2025-06-19
المقدمة الموسيقية لأغنية «فات الميعاد» على سبيل المثال دليل على أن البقاء للأفضل، وليس للأكثر انتشارًا. عندما وجدت المقدمة الموسيقية في حساب على السوشل ميديا ذهبت واستمعت للأغنية كاملة، مع أني سبق واستمعت لها عشرات المرات، لماذا أستمع لأغنية عمرها 58 عامًا «1967» بينما لا أستمع لأغنية «لولاكي» التي طافت أنحاء العالم العربي «1988» وكانت «ترند» ذلك العام؟ لماذا أعيد الاستماع لأغاني محمد عبده، ولا أحرص للاستماع لأغاني انتشرت سريعًا مدة قصيرة، أو «كسرت الدني» على قول اللبنانين؟ المؤكد أنها كانت أغاني استهلاكية دون معايير فنية قيّمة. تذكرني الأغاني الاستهلاكية التي تحقق انتشارًا سريعًا ثم تختفي للأبد بالوجبات السريعة، تلك التي تتناولها لأن ليس لديك وقتًا كافيًا، أو لأنها غير مكلفة، لكنها غير صحية. تنتشر اليوم على تيك توك والإنستجرام فيديوهات تصاحبها موسيقى من ألحان لأغانٍ قديمة، غالبًا لعبد الحليم أو محمد عبده أو عبادي الجوهر، أغانٍ لم تحقق انتشارًا كبيرًا عند صدورها، لكنها نجحت مع الزمن، لأنها كانت تصلح لكل زمن، والجيد أن معظم الذين اختاروا الموسيقى للفيديوهات من الشباب، أي أن عمر الأغاني التي استُقطعت منها الموسيقى أكبر من أعمارهم. أشاهد حسابات السوشل ميديا وأجد صور وكتابات عن الملحنين والمغنيين الكبار وقد رحل معظمهم، بينما لا أجد صور مغنيين قدموا أغنية حققت انتشارًا وقتيًا كاسحًا ثم صمتت. الفن المتميز ينصف أصحابه، حتى وإن بدى أنه غير مسموع بسبب الضجيج المؤقت.
الشائع أن التطبيقات الذكية في خدمة الإنسان، لكن الأكيد أنها تشاركنا حياتنا الخاصة. تعرف ماذا كتبنا، و ماذا اشترينا، وأين ذهبنا، ومتى عدنا، وماذا شاهدنا واستمعنا، ثم تحول كل ذلك إلى معلومات تقدمها لشركات الإعلان. في الحقيقة إننا زبائن لملّاك التطبيقات، وكل الخدمات المجانية ليست مجانية، فلا شيء مجانيًا في عالم لا يتكلم سوى لغة المال. لم نعد نستغرب إذا تحدثنا عن سلعة ما، ثم شاهدنا الإعلانات عنها بعد ساعة من حديثنا، أو في نفس اليوم، الأكثر من ذلك أن بعض الناس قالوا أن الإعلانات صارت تظهر لهم بمجرد تفكيرهم الصامت في منتج معين. يقال إن الخوارزميات صار لديها القدرة على التخمين فيما نفكر، تستنتج ذلك من سلوكياتنا السابقة، لذا لم يعد الإنسان وحيدًا وإن جلس وحيدًا، طالما أنه يحمل الجوال بيده، هناك من يسمعه ويقرأ أفكاره.