|




أحمد الحامد⁩
وهم.. كل المواعيد وهم!
2025-07-09
تكثر عمليات الاحتيال باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهذه واحدةٌ من أضراره القاسية! ولا شكَّ أن المحتالين، يعيشون ربيعهم بوجوده، ولسان حالهم يقول: «أحلى ليالي العمر ساعة صفا ويّاك».
وقعت جدةٌ إنجليزيةٌ ضحية احتيال رجلٍ إفريقي بعد أن تقمَّص شخصية طبيبٍ أمريكي ثري. الجدة وقعت في حبه، وكان يكتب لها أجمل العبارات، وكانت تغني فيما بينها: «يخبرني أني تحفته.. وأساوي آلاف النجمات.. وبأني كنزٌ وبأني أجمل ما شاهد من لوحات»! كان يرسل لها فيديوهاته المولَّدة اصطناعيًّا، وهو في منزله الفخم، وفي عمق المحيط على يخته الأنيق، متمنيًا اليوم الذي تكون فيه معه. بعد عامٍ ونصف العام، قال لها: إن ظروفه ساءت، وأنه يمرُّ بأزمةٍ، سيخرج منها بعد مدة، وأنه في حاجةٍ لمساعدتها. ولأن الحب الحقيقي يظهر في المواقف، راحت الجدة ترسل مدخراتها التي ورثتها من أمها، ولأن أزمة الحبيب كبيرةٌ، لم يكن المال الذي أرسلته كافيًا، لذا لجأت للقروض البنكية حتى اقترضت من بنوكٍ عدة! كل ذلك دون علم أبنائها! وفي أحد الأيام توعكت صحتها، ونقلها أبناؤها للمستشفى، وهنا وقع هاتفها بيد أحد أبنائها، وقرأ رسائلها، وشاهد صور التحويلات البنكية. اجتمع الأبناء، وتابعوا حكاية المحتال، واكتشفوا أنه استخدم صورةً حقيقيةً لطبيبٍ أمريكي ناجحٍ، وولَّد منها فيديوهاتٍ وصورًا. كانت الجدة في صدمةٍ شديدةٍ، ولسان حالها يقول: «يا فؤادي لا تسل أين الهوى، كان صرحًا من خيالٍ فهوى»!
حكايةٌ ثانيةٌ عن الاحتيال عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، وهذه المرة كان الضحيةُ رجلًا أوروبيًّا في بداية الأربعينيات. المحتال اختار شخصية الممثلة الأمريكية المعروفة جينيفر أنيستون، وراسل الضحية الذي غمرته السعادة كون النجمة تراسله، وتُعبِّر عن إعجابها به. طلبت النجمة المزيفة منه أن تبقى علاقتهما العاطفية طي الكتمان، وكان حاله يغني الأغنية الشهيرة: «توصيني على الكتمان.. وتبغى حبنا ما يبان»! بدأ بمشاهدة أفلامها، وراح يمشي متخيلًا اكتمال علاقتهما بالزواج، وحينها سيصبح هو أيضًا مشهورًا كونه زوج الست! بعد أربعة أشهرٍ، طلبت النجمة منه أن يدفع لها فاتورةً في أبل قدرها 272 دولارًا مدعيةً أنها تمرُّ في ضائقةٍ ماليةٍ. دفع المبلغ، لكنه تساءل: «كيف لنجمةٍ عالميةٍ ألَّا تملك 272 دولارًا؟». عندما شعر المحتال بأن الضحية بدأ يساوره الشك، أرسل صورةً لإجازة القيادة للنجمة. الأمر سهلٌ، الذكاء الاصطناعي يفعل كل شيءٍ. هنا طار الشكُّ من الضحية، واقتنع أنها تمرُّ بضائقةٍ ماليةٍ فعلًا، ثم ألا يمرُّ المشاهيرُ بضائقةٍ ماليةٍ؟ بعد ذلك اختفى المحتال، وانتهى حب الرجل الأربعيني، وراح يستمع للأغاني الحزينة، وربما استمع لأغنية: «وهم.. كل المواعيد وهم». أو المقطع الذي في قارئة الفنجان: «وسترجع يومًا يا ولدي مهزومًا مكسور الوجدان.. وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان»!