من الجار إلى الجار.. جيسوس يشعل الحرب مجددا

في الخامس من يونيو 2015، اشتعلت الحرب بين الغريمين، في العاصمة البرتغالية لشبونة، فريق بنفيكا الأول لكرة القدم، وسبورتنج، هذه المرة خارج الملعب.
إعلان الأخير التعاقد مع جورجي جيسوس، ليقود الفريق، بعد يوم واحد من كشف بنفيكا عن فشل مفاوضات تمديد عقده الذي استمر لستة أعوام، أثار موجة عارمة من الجدل، «إنها بداية حرب»، هذا أول ما تبادر إلى ذهن نونو لوز، المذيع الرياضي المرموق المقيم في لشبونة، دون تردد.
كان من غير المسبوق أن تشهد البرتغال صرخة وضجيجًا، ولكن تحول المدرب الأسطوري لبنفيكا إلى جاره الطموح والصاخب سبورتنج لشبونة، كان حدثًا غير معتاد.
اليوم، وبعد 10 أعوام، يعيد جيسوس الصخب ذاته، من الهلال، قطب العاصمة الرياض، الذي قادة للثلاثية الموسم قبل الماضي، إلى النصر القطب الآخر، والغريم التقليدي، بقصة تحوى الكثير من التشابه تقريبًا، من الجار للجار، حرب تشتعل.
يُعرف جورجي جيسوس ببراعته التكتيكية، وقدرته على تطوير اللاعبين، وأسلوب لعبه الهجومي المميز، هكذا نجح بشكل أسطوري مع بنفيكا في تجربته الأولى، ومع الهلال في النصف الأول من تجربته الثانية.
في كلا المرتين، لم يعد الضغط العالي فعالًا في نهاية المطاف، مع بنفيكا، لم يتفق جيسوس مع الإدارة على الراتب، فكان قرار الرحيل طوعًا، ومع الهلال، كانت الأمور أصعب، فكان قرار الأبعاد القصري.
كان تحول جيسوس، أسطورة بنفيكا، للمنافس التقليدي لشبونة، حدثًا ثوريًا، توصل معظم مشجعي بنفيكا إلى استنتاج مفاده أن فشل النادي في الاحتفاظ به خطأ تاريخي، وانضمامه إلى غريمهم اللدود في المدينة زاد الأمر سوءًا. وكانت التبعات وخيمة، ولكن في نهاية المطاف، لم يفتهم الكثير، تقاسم البنفيكيستاس الفوز بلقب الدوري مع بورتو وسط غياب الجيران.
فاز جيسوس بعشرة ألقاب في ستة مواسم مع بنفيكا، ووصل إلى نهائيين أوروبيين، وبعد فوزه بالدوري، كان أكبر نادٍ في البرتغال مقتنعًا أنه سيوقع عقدًا جديدًا، ولكن بشروط مخفضة بسبب الركود الاقتصادي في البلاد.
لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق ذلك بفضل ضغط جديد من جانب منافسيهم القادمين من أسفل الملعب لاستعادة السيطرة على العاصمة.
وبفضل تمويله من قبل المساهم الثري ألفارو سوبرينيو، وهو مصرفي أنجولي، بدأ سبورتنج في القتال من أجل العودة، براتب 7 ملايين يورو في الموسم الواحد، كان جيسوس مستعدًا لقيادة الفريق.
عند التعاقد معه في صيف 2015، قال كارفاليو، رئيس سبورتنج، إنهم تعاقدوا مع جيسوس، كي «يصبح النادي بطلًا مرة أخرى»، كان تعيين جيسوس «للرهان على الخبرة ومواصلة التركيز على التدريب كأولوية»، لم يسبق لأي مدرب أن انتقل مباشرةً بين الناديين، كان الأمر صدمة عند مشجعي بنفيكا، عدوها خيانة من المدرب الذي يعرف كل أسرارهم، ربما هذا ما أغرى سبورتنج على التعاقد معه، لم يفز سبورتنج باللقب منذ موسم 2002، لذا كانت لديه طموحات كبيرة لاعتلاء الدوري مجددًا.
لطالما أقرّ جيسوس بمدى تأثير الراحل العظيم يوهان كوريف عليه، فهو يطالب بهوية واضحة، ولعب هجومي مكثف مبني على نهج جماعي، ويحاول خلق ضغط كبير عندما يهاجم فريقه، استخدام الأسلوب نفسه بالبداية في سبورتنج، وفاز بكأس السوبر البرتغالي على حساب بنفيكا في أول مباراة له معهم، ولكن الأدوات التي كان يملكها لم تساعده كثيرًا، وفشل في الفوز بأكثر من المركز الثاني في الدوري في ثلاثة مواسم.
على الرغم من البداية الإيجابية، إلا أنه فشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا، ولم يفز بأي لقب آخر، ومر موسم 2016 بلا ألقاب، وفي الموسم الثالث، فاز بكأس البرتغال، ولكنه فشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا، القشة التي قسمت ظهر البعير، ستأتي لاحقًا، بعد خمسة أيام، خسر سبورتنج نهائي كأس البرتغال أمام أفيس ليصبح أول مدرب يخسر في النهائي مع ثلاثة أندية.
انتهت علاقة جيسوس مع سبورتنج بأزمة هائلة، بعد أن هاجم مشجعون ملثمون جيسوس والعديد من اللاعبين في مركز التدريب الخاص بهم في ضواحي لشبونة، أعقب ذلك اعتقال 23 شخصًا، لاحقًا أعلن النادي أن جيسوس البالغ من العمر 63 عامًا حينها سيغادر قبل عام واحد من انتهاء عقده.
وصرح جيسوس لاحقًا بأنه يشتبه في أن برونو كارفاليو، رئيس سبورتنج، هو من كان يقف وراء الحادث، فكان قرار الاستمرار مستحيلًا، ونادرًا ما يترك جيسوس الحقل مناسبًا للزراعة بعد رحيله، يفرض سياسة الأرض المحروقة، هكذا فعل مع بنفيكا في المرة الثانية، ومع الهلال، وتكرر الأمر مع سبورتنج.
تم التعاقد معه بطموح الفوز بلقب الدوري وهو ما لم يحققه، غير أنه دائمًا عند الحديث عن جيسوس، فالأمر يفوق الفوز والخسارة، الحياة ليست دائمًا أبيض وأسود، في نهاية المطاف أثر على العديد من كبار المدربين من خلال فلسفته التكتيكية المتمثلة في الضغط العالي والانتقالات السريعة، وأتاح الفرصة للاعبين شباب مثل جواو ماريو وتوبياس فيجيريدو، للبروز، شكلوا نواة الفريق الذي سيفوز لاحقًا ببطولة الدوري في موسم 2020.
اليوم، الصورة تتكرر، جيسوس من الهلال مباشرة إلى غريمه النصر، فهل تكون للقصة نهاية مختلفة هذه المرة؟ هذا ما يأمله المدرب السبعيني الذي لم يعتد الإقالة.