كينج.. طرد سولشاير والتحق برونالدو

ساعات قليلة كانت تفصل أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم عن إغلاق فترة الانتقالات الشتوية، مطلع عام 2020. الوقت ضيّق، والتحرُّكات محمومة، ولا صوت يعلو على أصوات المشجعين المُطالِبين بالصفقات.
وفي تحرُّك متأخر، عرض نادي مانشستر يونايتد 20 مليون جنيه إسترليني على بورنموث، المنتمي إلى المسابقة ذاتها، لكسب خدمات المهاجم النرويجي جوشوا كينج، طمعًا في تقوية الخط الأمامي للفريق.
قابلت إدارة بورنموث الخطوة بالرفض، وترقّبت وصول عرضٍ أكبر. لكن أمام ضيق الوقت، غيَّر «الشياطين الحُمر» الوِجهة، واستعاروا المهاجم النيجيري أوديون إيجالو من شنغهاي الصيني، لتفشل محاولةُ المدرب النرويجي أولي جونار سولشاير لمَّ الشملِ مع مواطنِه ولاعبِه السابق.
لاحقًا، سيُسهم فشل الصفقة وتألُق المهاجم المنضم حديثًا لفريق الخليج السعودي في طرد مدرِّبه السابق من «الوظيفة الحلم». قرارٌ كان من نتائجه وقوع أحد أكبر الصدامات بين النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو والمدرِّبين، ومغادرة «الدون» أوروبا بإرادته مُتَّجهًا إلى دوري روشن السعودي، في خطوةٍ أحدثت تغيُّرًا كبيرًا في عالم انتقالات اللاعبين.
حرَّكت صفقة كينج، التي لم تكتمِل، حجر الدومينو الأول من مكانِه، فتوالَت الأحداث وكأنها تمضي بنظرية الأواني المستطرقة.
التحق جوشوا كينج بنادي مانشستر يونايتد مطلع 2008، فور إتمامه من العمر 16 عامًا.
في صيف العام ذاته، عيَّن النادي سولشاير، مهاجمَه البارز الذي اعتزل بنهاية موسم 06ـ2007، مدرّبًا لفريق تحت 21 عامًا.
مثّل كينج الفريقَ تحت قيادة سولشاير، وتنقّل بعدها مُعارًا بين عددٍ من الأندية. وعندما رحل عن النادي بصفة دائمة، مطلع 2013، كان قد لعِب مباراتين رسميتين فقط تحت قيادة الإسكتلندي السير أليكس فيرجسون، أسطورة التدريب العالمية، في الفريق الأول.
اعتزل فيرجسون التدريب صيف 2013 بعد مسيرة حافلة بالإنجازات. وذهبت وظيفته إلى مواطنه ديفيد مويس، الذي أقيل سريعًا وحلَّ الهولندي لويس فان جال محلَّه. بعد موسمين مع فان جال، وصل لخلافتِه البرتغالي جوزيه مورينيو، في تعاقدٍ عكَس إصرار النادي على مواصلة تعيين الأسماء التدريبية الشهيرة.
تجربة مورينيو المتذبذبة دفعت الإدارة إلى تغيير نظرتها والاستعانة بعده بأحد أبناء النادي. وقَع الاختيارُ، في ديسمبر 2018، على سولشاير، الذي لم يكن قد درَّب قبلها سوى فريقي مولده في بلاده وكارديف سيتي في إنجلترا.
تعاقد سولشاير مع إيجالو في آخر ساعةٍ من «ميركاتو» الشتاء، وسط موسم 19ـ2020، تعويضًا لعجزه عن استعادة كينج.
بنهاية الموسم ذاته، هبط بورنموث، على نحو مفاجئ من دوري «البريميرليج» إلى «التشامبيونشيب»، فرحل عن صفوفه بعضٌ من أبرز لاعبيه، فيما بَقِيَ النرويجي، قبل أن ينتقل إلى إيفرتون، في منتصف الموسم التالي، ومنه إلى واتفورد خلال «ميركاتو» صيف عام 2021.
صفقةٌ لم تحظ بكثيرٍ من الاهتمام الإعلامي، أما العنوان الرئيس لفترة الانتقالات ذاتها فقد كتبه رونالدو بعودته المدوِّية إلى ملعب أولد ترافورد «مسرح الأحلام»، بعد 12 عامًا على خروجه من مانشستر يونايتد في اتجاه ريال مدريد الإسباني.
تزامَل رونالدو وسولشاير أربعة مواسم في الفريق الإنجليزي. لغة التفاهم حضرت بقوة بينهما، مع عودة «الدون» التي ألهبت حماس المشجعين حول العالم.
غير أن النتائج المتواضعة كتبت نهاية سريعة للفصل الثاني من هذه العلاقة. سُحِق الفريقُ على أرضه بخمسة أهداف دون رد من ليفربول، الغريم التقليدي، وخسِر بالأربعة من ليستر سيتي، وودّع كأس الرابطة أمام وست هام يونايتد. من أول 17 مباراة في الموسم، خسِر «الشياطين الحُمر» سبع، والأخيرة كانت القشة التي قسمت ظهر البعير.
في 21 نوفمبر 2021، نزل رونالدو ورفاقه ضيوفًا على واتفورد، ضمن الجولة الـ 12 من الدوري. تألّق جوشوا كينج وأحرز هدف المباراة الأول، من تسديدة خاطِفة، فاتحًا الطريق أمام فوز أصحاب الأرض الكبير، 4ـ1، على كتيبة سولشاير. اختير المهاجم النرويجي نجمًا للمباراة، مكافأةً له على أدائه المتميز طوال شوطيها، فيما دفع مواطنُه الثمن باهظًا. أخيرًا، نفد صبرُ الإدارة على أولي، فاجتمعت على عجَلٍ، مساء يوم الهزيمة الثقيلة، وقرّرت الإطاحة بالمدرب، الذي كان يرى في قيادته فريقه السابق، أحد أشهر الفرق حول العالم، تجسيدًا لأجمل أحلامه الكروية.
ولسدِّ الفراغ، راهن النادي الأحمر على الخبير الألماني رالف رانجنيك، صانع الفرق مدرّبًا ومديرًا رياضيًا، وكلّفه بخلافة سولشاير حتى نهاية موسم الفريق، الذي استمرّت فيه الهزائم والإحباطات. النقطة المضيئة الوحيدة كانت إحراز «الدون» 24 هدفًا، نصَّبته هدافًا لليونايتد وأكد بها، وهو في الـ 37 من عمره، تأقلمه مع تحدي سرعة نسق الكرة الإنجليزية.
لكن الموسم التالي حمل مفاجأةً لم تكن في الحُسبان. قلّص الهولندي إريك تين هاج، الذي حلّ خلفًا لرانجنيك، حجم مشاركة النجم الكبير، التي اعتاد، طوال مسيرته، على بدء كافة المواجهات، مع الفِرق والمنتخب. أبقاه الهولندي في بعض المباريات على مقاعد الاحتياط، وأشركه بديلًا في أخرى. انفجر غضب رونالدو في العلَن، بعدما تأخّرت مشاركته أمام توتنام هوتسبير في الدوري.
غادر الأسطورة أرضية «مسرح الأحلام» بمفرده قبل صافرة النهاية، ممتنعًا عن تنفيذ قرار المدرب إدخاله بديلًا لدقائق معدودة.
تَوتُّر العلاقة بينهما بلغ قِمّتَه، وعاقب تين هاج نجمه الأول بالإيقاف لمباراة واحدة، ثم أعاده إلى التشكيل الأساسي، قبل أن تتوقف الدوريات بسبب كأس العالم 2022 في قطر. بين إيقاف الدوريات وخوض منتخب البرتغال مباراته المونديالية الأولى، توالت الأحداث المثيرة. انتقد رونالدو النادي وتين هاج علَنًا وبحدَّة، في مقابلةٍ إعلامية مع مُقدِّم البرامج البريطاني بيرس مورجان. على إثر ذلك وفي غضون أيام معدودة، قرَّر اليونايتد ونجمه فسخ العقد بينهما بـ «اتفاق متبادل».
بعد المونديال، تغيَّر كل شيء، رونالدو يهجُر أوروبا منتقِلًا إلى النصر، والدوري السعودي يتقدَّم إلى واجهة الأحداث الكروية حول العالم بمشروعٍ لتطويرِه يُقنِع عددًا كبيرًا من أبرز نجوم الساحرة المستديرة بالانضمام إليه. وبعد نحو عامين من ارتداء الدوري حُلَّته العالمية الجديدة، يستمرُّ زخَمُه وإقبال اللاعبين الأوروبيين على الالتحاق به، ومن بين أحدث المنضمين كينج، صاحب الـ 33 عامًا، الذي وقّع، أخيرًا، عقدًا لموسمين مع الخليج.
