«Foul-Up-Three»..معضلة قهرت الأخضر في آسيا

ودّع المنتخب السعودي الأول لكرة السلة صراع البطولة الآسيوية، عقب خسارة دراماتيكية أمام الفلبين، بعد التمديد، ولو أن «الأخضر» قاب قوسيْن من حجز مقعدٍ في ربع النهائي، ولا سيما أنّه تقدّم بفارق ثلاث نقاط قبل نحو خمس ثوانٍ من نهاية الربع الرابع، أي توقيت تسجيل جاستن براونلي، اللاعب الفلبيني، رمية ثلاثية قاتلة أدرك من خلالها التعادل، وأخذ المباراة إلى الوقت الإضافي.
وفي هذا السياق، أعادت هذه المباراة إلى الواجهة معضلة تكتيكية كَثُر عنها الحديث في عالم كرة السلة، وهي ما يسمى بـ«Foul-Up-Three» التي تحضر عندما يكون أحد الفرق متقدمًا بفارق ثلاث نقاط في الثواني الأخيرة، وتكون الكرة بحوزة الفريق المتأخر، فيرتكب أحد لاعبي الفريق المتقدم خطأ، ليمنع المنافس من رمية ثلاثية، ويجبره على تنفيذ رميتيْن حرتيْن، فتعود الكرة إلى الفريق المتقدم إن سُجلت الرميتان، أو تصبح المهمة أكثر صعوبة في وقت أضيق إن أهدر الفريق المتأخر الرمية الثانية والتقط متابعة هجومية.
وبالعودة إلى مواجهة السعودية والفلبين، كان صاحب الأرض متقدمًا بفارق ثلاث نقاط مع بقاء ثماني ثوانٍ عندما استلم براونلي الكرة، وخرجت الكرة من يده مع بقاء 5.9 ثوانٍ، ودخلت ثلاثيته وسط رقابة لصيقة من مرزوق المولد، مدركًا التعادل، وتاركًا 3.7 ثانية للمنتخب السعودي، الذي لم يكن لديه وقت مستقطع لتنفيذ خطة هجومية أخيرة، والاستفادة من الثواني القليلة المتبقية.
وردًا على أحد الأسئلة في المؤتمر الصحافي بعد المباراة، قال ريكارد كاساس، مدرب المنتخب السعودي، إن خطة فريقه في هذه اللقطة كانت بتطبيق ما يسمى بـ Foul-Up-Three، أي ارتكاب خطأ على أحد لاعبي المنافس ودفعه لرميتيْن حرتيْن، لكن ذلك لم يحدث بسبب تموقع وتحركات لاعبي الفلبين في الهجمة الأخيرة، دون إلقاء اللوم على أي من لاعبيه، لا بل أكّد أنه فخور بما قدمه فريقه في المباراة وفي البطولة ككل.
وبالمجمل، تشكّل هذه الخطة معضلة تكتيكية حقيقية في عالم كرة السلة، والنسبة الأكبر من المدربين لا يلجؤون لها، إلا أن تاريخ اللعبة كان شاهدًا على مباريات مهمة حُسمت بالسيناريو نفسه لمواجهة الأخضر مع الفلبين، ومن بينها المباراة الأولى في نهائي السلسلة الشرقية في NBA العام الماضي، عندما كان إنديانا بيسرز متقدمًا بثلاث نقاط على بوسطن سلتيكس، فسجل جايلن براون ثلاثية صعبة قبل خمس ثوانٍ من النهاية، لتكون المحصلة فوز سلتيكس في المباراة بعد التمديد، ومن ثم فوزه بالسلسلة دون أي خسارة.
وعلى المستوى العربي والآسيوي، عادت معضلة عدم تطبيق Foul-Up-Three إلى الواجهة في نهائي بطولة «وصل» عام 2024، عندما كان فريق الحكمة اللبناني متقدمًا بنتيجة 79ـ76، على الرياضي مواطنه، قبل ثماني ثوانٍ من نهاية الربع الرابع، فسجل وائل عرقجي، لاعب العلا الجديد، والرياضي وقتها، ثلاثية قاتلة أدرك من خلالها التعادل، وسط رقابة من الأمريكي جوناثان جيبسون، لاعب الحكمة حينها، وزميله في النادي السعودي العلا، الذي لم يرتكب خطأ في تلك الحالة.
وعلى الجانب الآخر، طبق فريق هيوستن روكتس خطة Foul-Up-Three في المباراة السابعة الأخيرة من نهائي السلسلة الغربية في NBA عام 1995، إذ كان متقدمًا بفارق ثلاث نقاط على فينيكس صنز، ومنع منافسه من تنفيذ رمية ثلاثية عبر ارتكاب خطأ سريع منح فينيكس رميتين مع تبقي ثانيتيْن، فسجل لاعب فينيكس الرميتين، لكن لم يكن هناك وقتٍ كافٍ لهجمة أخرى لتعديل أو قلب النتيجة.
وتطرّقت عدة وسائل إعلامية في تقارير مفصلة إلى هذه المعضلة، ومن بينها ما كتبه جون هولينجر لصحيفة «ذا أثليتيك»، مايو الماضي، الذي كان رأيه مخالفًا لتطبيق الـ Foul-Up-Three، لأن هذه الخطة قد تضيع فوزًا في المتناول للفريق المتقدم على حد وصفه، بحكم أن الرمية الثلاثية تكون أكثر صعوبة في الثواني القاتلة، وأن النتيجة ستؤول إلى التعادل في حالة نجاح الرمية، ما يعني أن الفريق المتقدم سيبقى فائزًا إن فشلت، وسيذهب إلى الوقت الإضافي إن نجحت.