أحمد الحامد⁩
طمع التوليب!
2025-09-01
الطمع يلغي الوعي، ويلغي الشهادات العليا، وهو نقطة الضعف التي يختارها المحتالون للحصول على ما في جيوب الناس. لم أجد تفسيرًا سوى الطمع في كل عمليات الاحتيال التي تعرض لها الناس، خصوصًا تلك التي يعرض فيها المحتالون أرباحًا مضاعفة في فترات قصيرة، يعطون الأرباح للمجموعة الأولى من ودائع المجموعة الثانية، ثم يعطون المجموعة الثانية من ودائع المجموعة الثالثة، يسمع بقية الناس بالأرباح غير المنطقية فيطمعون، متعلمون وغير متعلمون، أصحاب شهادات، عمال وبسطاء، يودعون أموالهم التي جمعوها بالجهد والصبر والبخل أحيانًا، ثم تتبخر في لحظة واحدة!، طريقة الاحتيال هذه تعتبر تقليدية، وللأسف ناجحة دائمًا، فمهما تغير الزمن، طمع الإنسان لا يتغير. في حكاية مشهورة مرتبطة بزهرة التوليب حدثت في القرن الـ 17، وصلت زهرة التوليب من تركيا إلى هولندا، كانت زهرة جديدة على الأوروبيين، عشقها الناس لألوانها الزاهية، كانت زراعتها نادرة، لا يملكها إلاّ الأثرياء، فتحولت رمزًا للمكانة الاجتماعية المهمة، ثم تحولت إلى تجارة مرتفعة الثمن، وبدأ المستثمرون بالمضاربة عليها، أصبحت زهرة التوليب أغلى من الذهب. شيئًا فشيئًا ارتفعت الأسعار بشكل لا يصدق، الكل يريد شراء بصلة توليب، ليعود ويبيعها بعد مدة قصيرة، رهن الناس منازلهم، وهناك من باعوا قواربهم، وأرضهم، من أجل بصلة زهرة توليب واحدة، كان الناس يشترون بصيلات لم تزرع بعد، وأصبح هناك سوق للتوليب أشبه بسوق الأوراق المالية، وهذا ما ضاعف الأسعار. في العام 1637 انفجرت الفقاعة، وانخفضت الأسعار بشكل كارثي، لأن التساؤل أصبح ملحًا عن من سيشتري لاحقًا بأسعار أعلى مما وصلت إليه بصلة التوليب. انفجرت الفقاعة بشكل مدوٍ ليخسر عشرات الآلاف ثرواتهم، وتبدأ أزمة اقتصادية عرفت بـ «فقاعة التوليب»، ولتتحول الحكاية إلى رمزية عن الطمع البشري الذي لا ينتهي. فقاعة التوليب تتكرر اليوم بين مدة وأخرى ولكن بمسميات مختلفة، حتى وإن اختلفت الطريقة لكن الشبه واحد. في أحد الأيام وقع أحد الأصدقاء في فخ فقاعة، لم تكن توليب طبعًا، لكنها تشبهها، سألته: كيف وقعت بمثل هذا الفخ المكشوف؟ أجاب بأنه رفض الاستثمار في البداية، لكنه شاهد بعض معارفه قد ربحوا الكثير من المال، ثم اعتقد بمصداقية الاستثمار بعد تزايد أرباح معارفه، ثم سلم أمواله للمستثمر لتنفجر الفقاعة بعد مدة قصيرة، وليخسر أمواله التي جمعها سنوات طويلة. لم أتردد بالقول له إنه طمع، ولم ينفِ، ولا أنفي أنا أني خالٍ من الطمع، فقد أوضع في موقف لأكتشف بأني طمّاع كبير!.