المال الإنجليزي يهدد مستقبل الـ«بوندسليجا»

الألماني نيك فولتيماده مهاجم نيوكاسل الإنجليزي أحدث لاعب ألماني ينتقل إلى البريميرليج الممتاز خلال الانتقالات الصيفية (المركز الإعلامي ـ نيوكاسل)
برلين ـ الفرنسية 2025.09.02 | 11:25 pm

كان لصيف الانتقالات القياسي في الدوري الإنجليزي الممتاز تأثير حاد على الجانب الألماني وهو ما جعل حتى بايرن ميونيخ، عملاق الـ«بوندسليجا»، يشعر بتأثير القوة المالية المتنامية لكرة القدم الإنجليزية.
وباستثناء توقيع ليفربول مع السويدي ألكسندر أيزاك قادمًا من نيوكاسل، كانت أغلى أربع صفقات في الـ«بريميرليج» الصيف الجاري من الدوري الألماني، وهي فلوريان فيرتز والفرنسي هوجو إيكيتيكيه ونيك فولتيماده والسلوفيني بنيامين سيسكو.
وكلّف التعاقد مع هذا الرباعي وحده خزائن الأندية الإنجليزية نحو 446 مليون دولار، إضافة إلى المكافآت، علمًا أن وجهة أغلى صفقتين كانتا هي ليفربول.
وأنفقت أندية الدوري الإنجليزي الصيف الجاري أكثر من أربعة مليارات دولار، وهو رقم قياسي جديد في حجم الإنفاق خلال سوق انتقالات واحدة.
وأثارت هذه التحوّلات جدلًا في ألمانيا حول ما إذا كان ينبغي السعي لإجراء إصلاحات هيكلية كبرى، مثل إلغاء قاعدة «50+1» التي تحظى بشعبية كبيرة من الجمهور، والهادفة إلى تقييد الاستثمار الخارجي وضمان سيطرة الأعضاء على الأندية.
ومع ذلك، يرى آخرون أن الأندية الألمانية بإمكانها استغلال ثروة الدوري الإنجليزي، مما قد يؤدي إلى تغيير في التسلسل الهرمي الراسخ لكرة القدم الألمانية.
انتقد أوليفر كان، الرئيس التنفيذي لبايرن ميونيخ وحارس مرماه السابق، مسؤولي كرة القدم الألمانية الإثنين، قائلًا إن الأندية والدوري يرضون بلعب دور ثانوي، ودعا إلى إجراء تغييرات في الهيكل والعقلية.
وكتب على حسابه الخاص في موقع لينكد إن: «بالنسبة لكثيرين، يُعد هذا الوضع طبيعيًا حاليًا. أما بالنسبة إلي، فهذه إشارة. يلعب الدوري بأمان شديد ونسي كيف يخاطر». وأضاف «السؤال هو: هل نريد أن نظل الدوري الذي يصنع مواهب ويخسرها، أم نريد خلق ظروف تسمح لهذه المواهب بالبقاء هنا؟».
ولم يدعُ كان بشكل مباشر إلى إلغاء قاعدة «50+1»، لكنه قال إن القيود الهيكلية تعني «عدم اتخاذ قرارات جريئة».
وبموجب تلك القاعدة، يجب أن تكون الأندية الألمانية مملوكة بالأغلبية لأعضائها «الجمهور غالبًا»، مما يحدّ من الاستثمار الخارجي.
والناديان الوحيدان اللذان يُستثنيان من هذه القاعدة هما ليفركوزن المملوك من شركة «باير»، وفولفسبورج المملوك من شركة «فولكسفاجن»، وقد فازا بلقبي دوري في الأعوام العشرين الأخيرة.
وخسر ليفركوزن بطل الثنائية المحلية في 2023-2024، ثمانية لاعبين الصيف الجاري، خمسة منهم انتقلوا إلى الدوري الإنجليزي. وقال سايمون رولفيس المدير الرياضي للنادي في تصريح لمنصة «دازون» للبث التدفقي: «عندما تسقط قطعة دومينو في إنجلترا، ستسقط هنا. كناد ليس أمامك خيار تقريبًا سوى ترك اللاعب يرحل».
بوصفها أكبر الدول في أوروبا وقوة تقليدية في كرة القدم، يرى البعض في تدفق أموال الدوري الإنجليزي فرصة. باعت أندية بوروسيا دورتموند وليفركوزن ولايبزيج وشتوتجارت لاعبًا واحدًا على الأقل إلى الـ«بريميرليج» مقابل أكثر من 50 مليون يورو.
وقال رولفيس إن «العامل الرئيس في تعويض الفارق الاقتصادي مع الدوري الإنجليزي كان احترافية برامج أكاديميات الشباب».
وقد تُغيّر الثروة المتوفرة من مصير الأندية الألمانية. في 2024، دفعت شركة بورشه 100 مليون يورو مقابل الحصول على حصة أقلية في شتوتجارت، مما منح النادي استقرارًا ماليًا، وساهمت في تأهله إلى دوري أبطال أوروبا في 2024 للمرة الأولى منذ 15 عامًا، كما تُوّج بلقب الكأس المحلية الموسم التالي.
وفي أغسطس من العام الماضي، حصل شتوتجارت على 85 مليون يورو مقابل فولتيماده الذي التحق به مجانًا قبل موسم واحد فقط.
ولم يسلم أحد أكبر الأندية الأوروبية، بايرن ميونيخ، من تأثيرات هذه الظاهرة، فعلى الرغم من مساعيه في الحصول على خدمات فيرتز وفولتيماده، إلا أن اللاعبين انتقلا إلى إنجلترا.
وقال ماكس إيبرل المدير الرياضي لبايرن ميونيخ في تصريح له خلال وقت سابق من الموسم الجاري: «لم تكن بعض الأمور ممكنة خلال فترة الانتقالات لأننا نريد أن نكون حذرين للغاية على الصعيد المالي».
أما البلجيكي فنسنت كومباني مدرب البايرن، فأجاب عند سؤاله خلال مؤتمر صحافي الجمعة، عن سبب جاذبية الدوري الإنجليزي في فترة الانتقالات، بكلمة واحدة: «المال».
في ألمانيا، من غير المرجح أن تحظى مشكلات بايرن بالكثير من التعاطف، فالقوة المالية للدوري الإنجليزي تمثّل تحديًا حقيقيًا لمكانته كمسيطر أول على الدوري.
وبنى بايرن صاحب الألقاب الـ34 القياسية في الدوري المحلي، نجاحه على اقتناص أفضل لاعب منافسيه المحليين، لاسيما في المواسم الأخيرة.
ويُظهر هذا الصيف أن المنافسة من طرف الـ«بريميرليج» تجعل ذلك أكثر صعوبة.