التاجر الناجح خبير علاقات اجتماعية، صبور وودود وصادق، ولم أشاهد أحدًا حقق نجاحات في بيع سلعته ونفسيته «شينة»، فالناس يهمها حسن التعامل أولًا، وكم من الشركات والمحلات أفلست لأنها اعتمدت على بائعين غير صالحين للعمل كبائعين، أتذكر بعض البائعين الذين «زعلوا» لأني لم أشترِ منهم لسبب ما، ربما كان السعر مرتفعًا أو لم يعجبني المنتج، أتذكر أن أحدهم لم يرد السلام عندما سلمت مغادرًا. بالأمس قرأت عن أشهر بائع في العالم، وصاحب الرقم القياسي في المبيعات على موسوعة جينيس لمدة 12 عامًا. في العام 1963 ذهب الشاب جو جيرارد إلى شركة شيفروليه طالبًا فرصة عمل كبائع، في البداية لم يرحب به لكنهم وافقوا على مضض، فلم يكن جو ذو تجربة سابقة في بيع السيارات، بل كان مجرد شاب لم يكمل الثانوية. لكن جو ومنذ البداية باع في أيام ما لم يبعه زملاؤه في أشهر، بدأ حجم مبيعاته يلفت نظر المسؤولين، ثم دار اسمه على ألسنة مجلس الإدارة، ما الذي يملكه هذا الشاب لكي يبيع بهذه السهولة وهذه الأعداد من السيارات؟ باع جو لوحدة مئات السيارات كل عام، وفي عام 1973 باع 1425 سيارة، وهو الرقم الذي لم يُكسر حتى اليوم في موسوعة جينيس مع كل وسائل الإعلام الجديدة. باع جو خلال مسيرته 13.001 سيارة، حتى أن شيفروليه خصصت قسمًا خاصًا لمبيعاته وكأنه شركة قائمة، مع أنه كان مجرد فرد واحد. لم تكن طريقة جو تعتمد على الحظ أبدًا، بل على ذكاء اجتماعي وتجاري بحت، اعتمد على كسب ثقة الزبائن، فلم يحاول إقناعهم بالشراء، لكنه جعلهم يشعرون بأنه صديق مخلص، واهتمامه بهم أكبر بكثير من صفقة بيع سيارة. كان يقول بأن الناس يشترون من الشخص الذي يحبونه ويثقون به، لذلك بنى صداقاته مع زبائنه بدلًا من محاولة البيع التقليدية فقط، لذلك جاءت 60 % من مبيعاته من عملاء سابقين جاؤوا بأنفسهم أو أرسلوا أقاربهم وأصدقائهم. كان يتواصل بشكل يومي مع زبائنه «خدمة ما بعد البيع» ويسجل أية ملاحظة ليستخدمها لاحقًا مع الزبون. جو تحول بعد تقاعده إلى متحدث عالمي في مجال المبيعات، ألف عدة كتب من أشهرها «كيف تبيع أي شيء لأي إنسان». من دروسه أن الاهتمام أهم من الإقناع، وبناء العلاقات أهم من الصفقات، والتواصل المستمر يصنع الفرق، والتفاصيل الصغيرة لا تُنسى، والانضباط عادة وليس صدفة، والسمعة رأس مالك الحقيقي. آمل أن تنفع نصائحه بعض الشركات التي تلفظك بعد بيعها المنتج لك، وعندما تتصل بهم إذا كان هناك أي عطل، أو لأي سبب «يلطعونك» على الخط إلى أن تمل وتغلق الخط بنفسك!.